شيء من الحوادث عن نفسها ، فكيف عن غيرها؟ فدينهم أوهن الأديان وأدناها (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) أنّها مثلهم لندموا ورجعوا إلى الدّين الحق وإله الخلق (وَهُوَ الْعَزِيزُ) في سلطانه (الْحَكِيمُ) في صنعه.
٤٣ ـ (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها ...) أي هذا المثل ونظائره نجيء به لتقريب ما هو بعيد عن الأفهام ولمعرفة قبح ما هم عليه من عبادة الأوثان وحسن معرفة الله وتوحيده (وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) المتدبّرون في حقائق الأشياء على ما ينبغي ، فإن الأمثال والتشبيهات دلائل وطرق إلى المعاني المحتجبة لإبرازها وكشف أسرارها حيث إنّها بغير الأمثال لا تبرز ولا تظهر ولا تتصوّر من غير العالم والجهلة لا يصلون إلى فهمها ولذا كان جهلة قريش يستهزئون ويقولون إله محمّد يمثّل بالذباب وبالعنكبوت ، ويضحكون. ولذا قال تعالى : (وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ ...) ثم إنّه تعالى أخذ في بيان ما هو دال على ألوهيّته المطلقة وأنّه سبحانه مستحق للعبادة بقوله عزوجل :
* * *
(خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٤٤) اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ (٤٥) وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ