أكبر من ذكرهم إيّاه. ألا ترى أنّه يقول : اذكروني أذكركم؟ وعن الصادق عليهالسلام في قول الله تعالى (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) قال : ذكر الله عند ما أحلّ وحرّم. وعن ابن عبّاس : ولذكر الله إيّاكم برحمته أكبر من ذكركم إيّاه بطاعته. وهذه بناء على أنّ المراد بالذكر هو معناه المصدري أي التذكّر ويحتمل أن يكون بمعناه المصطلح أي التسبيح والتمجيد والتحميد وغيرها من الأذكار كما قد روي أن معاذ بن جبل قال : ما نعلم شيئا أفضل من ذكر الله. ما عمل آدميّ عملا أنجى من عذاب الله من ذكر الله حتى الجهاد ، لأنه تعالى قال : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) وسئل النبيّ صلىاللهعليهوآله عن أحبّ الأعمال عنده تعالى ، قال : أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله عزوجل. فإن ظاهر تلك الروايات أن المراد بالذكر هو ما اصطلح بينهم مما ذكرنا ولا سيّما بقرينة ما في بعضها من الاستدلال بقوله تعالى : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) وفسر بالصّلاة أيضا في بعض الأقوال.
٤٦ ـ (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ ...) أي لا تتناقشوا مع اليهود والنصارى من بني نجران (إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) إلّا بالخصلة التي أحسن الخصال كمقابلة الخشونة باللّين والغضب بالحلم والمشاغبة بالنّصح. وفي هذه الآية دلالة على وجوب الدعوة إلى الله على أحسن الوجوه وألطفها واستعمال القول الجميل في التنبيه على آيات الله وحججه (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) بنبذ الذمة أو قولهم بالولد أو الابتداء بالقتال (وَقُولُوا آمَنَّا) هذه الشريفة إلى آخرها لعلّها مفسّرة لمجادلة الأحسن وبيان لها من جهة الكيفيّة. وروي عن النبيّ (ص) أنه قال : لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم ، وقولوا آمنّا بالله وبكتبه ورسله ، فإن قالوا باطلا لا تصدّقوهم وإن قالوا حقّا لا تكذّبوهم. وروي عن أبي سلمة أن اليهود كانوا يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها للمسلمين بالعربية ، فقال النبيّ (ص) لا تصدّقوا أهل الكتاب إلخ.
* * *