الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٥٨) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٥٩) وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٠))
٥٦ ـ (يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ ...) نزلت هذه الشريفة في جماعة من المسلمين ، من الصعاليك والمستضعفين كانوا بمكة يؤذيهم المشركون ، فأمروا بالهجرة إلى المدينة فقالوا كيف نخرج إليها وليس لنا بها دار ولا عقار؟ ومن يطعمنا ويسقينا فبيّن الله تعالى أنه لا عذر للعباد في ترك الطاعة فإنّ تعذّرت الطاعة في بعض البلاد عليهم ، فلا بدّ لهم من المهاجرة إلى غيرها. فيستفاد من الكريمة أن الاقامة في دار لا يمكن فيها العبادة والطاعة حرام والخروج منها واجب (فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) أي فاعبدوني في ما يمكنكم من البلاد بعد الهجرة إليها. وفي الجوامع عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : من فرّ بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرا من الأرض استوجب بها الجنّة وكان رفيق إبراهيم ومحمد صلوات الله عليهما وعلى آلهما. ثم إنّه تعالى يخوّف المهاجرين بالموت حتى يسهّل عليهم المهاجرة. يعني إن كان حبّ الأهل والأولاد والوطن أو المصاحبة يمنعكم عن المهاجرة فإنه سيأتيكم يوم لا بدّ فيه من مفارقة هؤلاء لأنه :
٥٧ و ٥٨ ـ (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ...) أي في كلّ مكان وفي كلّ زمان ، سواء كان الشخص في وطنه أو في غيره ، وفي يوم شبابه أو هرمه فإنه سيموت هو وجميع الناس الآخرين (ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ) أي لا محالة أن رجوعكم وعودكم إلينا توفية للجزاء فلا تقيموا بدار الشّرك وتوجّهوا إلى دار الإيمان وكعبة الأمن والأمان أي المدينة المشرّفة زادها الله شرفا ، حتى تشتغلوا بفراغ البال لعبادة الله تعالى وهكذا ففي كلّ بلد لا يمكن إظهار شعائر الدّين والإيمان يجب النقل منه إلى بلد آخر يتمكن الإنسان فيه من