يكذّب قولهم حيث إنهم في مقام الجواب عن سؤال خلقة السّموات والأرض وتسخير الشمس والقمر وإنزال الماء من السّماء قالوا هو الله ، فإذا كان الخالق والمنزّل هو الله فهو أحقّ بالعبادة لا الجماد الذي هو أخسّ الأشياء وأدناها. فيعلم أنهم ليسوا من أهل التدبّر والتفكّر كالأنعام بل هم أضل.
٦٤ ـ (ما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ...) الفرق بين اللهو واللّعب أن المقبل على الباطل لاعب به ، والمعرض عن الحق لاه. والمعنى أنه كما اللهو واللّعب يزولان بسرعة فالحياة أيضا تزول بسرعة ، فيستمتع الإنسان فيها مدّة قليلة ثم تنصرم وتنقطع ويبقى وبالها كما أن الصّبيان يجتمعون على ما يلهى ويلعب به ويتبهّجون ويفرحون ساعة ثم يتفرّقون متعبين كأنّه لم يكن شيء مذكور ، فكذلك الدّنيا (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) أي هي دار الحياة الحقيقة لأنّها الدائمة التي لا زوال لها حيث إنه لا موت فيها. وفي لفظة الحيوان من المبالغة ما ليس في لفظة الحياة لبناء فعلان على الحركة والاضطراب اللازم للحياة (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) يعرفون أن الدنيا دار فناء وزوال ، وأن الآخرة دار بقاء لا فناء فيها لما آثروا الحياة الفانية على البقاء الدّائم الخالد ، لكن للأسف إنّهم لم يعلموا ولا يعلمون لأنهم ليسوا من أهل التدبّر والتفكر حتى يعلموا.
* * *
(فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ (٦٥) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٦٦) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ