اللهِ يَكْفُرُونَ (٦٧) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٦٨) وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩))
٦٥ ـ (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ ...) أي دعوه في حالة من أخلص دينه له تعالى مع ما هم عليه من الشّرك والإلحاد ، وصاروا لا يذكرون إلّا الله سبحانه ولا يتوجّهون إلّا إليه لعلمهم بأنّه لا يكشف الشدائد سواه ولا ينجي من الغرق إلّا هو ، وكلمة (الدِّينَ) مفعول لمخلصين ، والجارّ متعلّق به (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ) أي حينما خلّصهم الله تعالى من الهلاك ونجّاهم إلى البرّ ورأوا أنفسهم مأمونين من الهلاك عادوا إلى ما كانوا عليه من الإشراك معه تعالى في العبادة
٦٦ ـ (لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ ...) أي لكي يكفروا بنعمة الإنجاء (وَلِيَتَمَتَّعُوا) لكي ينتفعوا ويتلذّذوا بعكوفهم على أصنامهم. هذا بناء على أن اللّام بمعنى (كي) التعليليّة الداخلة على (أن) المصدريّة المضمرة وجوبا. وهذه يغلب استعمالها بعد اللام نحو جئتك لكي تكرمني ، ويمكن أن تكون لام أمر فيكون للتّهديد ولخذلانهم (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) عاقبة ذلك العكوف على عبادة الأصنام والتّلذذ بها واجتماعهم عليها.
٦٧ ـ (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا ...) أي أهل مكة ألم يعلموا أنّا جعلنا مسكنهم وبلدهم (حَرَماً آمِناً) مصونا من النّهب والقتل والسّبي ومحروسا وممنوعا على ذؤبان العرب (وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) أي يختلسون ويؤخذون من أطراف مكّة في حين أن مكّة وأهلها مع قلّتهم وكثرة الأعراب في أمن وأمان من جميع ما يبتلى به الناس من الأسر والقتل والنهب (أَفَبِالْباطِلِ) أي أفبعد هذه النعمة العظمى التي تتنعّمون بها وبغيرها مما لا يقدر عليه إلّا الله تعالى ، يتمسّكون بالباطل وهو الصّنم والشيطان