١٤ ـ (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ ...) أي يتميّزون ويقسّمون فريق في الجنة وفريق في السّعير ، أصحاب اليمين في أعلى عليّين ، وأصحاب الشمال في أسفل سافلين وهو قوله تعالى المبيّن لما قبله.
١٥ ـ (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا ...) فهم في روضة يحبرون أي في جنة ذات أرض خضراء تتدفق فيها المياه ، يسرّون وتطفح وجوههم بالبشر والفرح. وقال القمّي : يكرمون ، والحبور أصله السرور. وفي وجه سرورهم أقوال : فعن أبي الدرداء ـ كما في مجمع البيان ـ عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنه ذكر الجنة وما فيها من النّعم ، وفي آخر القوم أعرابي فقال : يا رسول الله ، هل في الجنة سماع (أي غناء) قال (ص) : نعم يا أعرابي ، إنّ في الجنّة لنهرا حافتاه أبكار من كلّ بيضاء خوصانيّة يتغنّين بأصوات لم تسمع الخلائق مثلها قط ، وذلك أفضل نعم الجنّة. وقد قيل إن هذا المشهد من أعظم المظاهر الموجبة لسرور أهل الجنّة ، بحيث تتهلّل وجوههم له وتسرّ نفوسهم وتنتعش قلوبهم. وفي ذيل هذه الرواية أن أبا الدرداء سأل عن أنّ المغنّيات في الجنّة بأيّ شيء يتغنّين؟ قال صلىاللهعليهوآله : بالتسبيح. وفي بعض الروايات : بالتسبيح وليس بمضمار الشيطان. وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله أيضا : إن في الجنّة لشجرة تؤمر أن اسمعي صوتك عبادي الذين منعوا أنفسهم عن استماع الغناء في الدنيا طلبا لرضائي ، فيسمع منها صوت تسبيح وتهليل بكيفية ما سمع الخلائق مثلها أبدا ، فيلذّذون بنغمتها كمال اللّذة. جعلنا الله تعالى ممّن يحوز رضاه ويتنعّم بما أعدّه من السرور لعباده الصالحين في أخراه بمنّه وكرمه.
١٦ ـ (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا ...) أي كفروا بنا وبوحدانيّتنا ، ولم يصدّقوا دلائلنا ، وكذّبوا (بِلِقاءِ الْآخِرَةِ) بيوم الحشر والقيامة (فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ) محشورون في جهنّم لا يفارقون العذاب ولا يغيبون عنه. ولفظ (الإحضار) لعله لا يستعمل إلّا في ما يكرهه الإنسان ، إذ يقال : أحضر فلان مجلس القضاء ، إذا جيء به