بحيث يترتب على ذلك الخسارات والمضار الكثيرة من غرق السفن ونحوه أو قلة المياه لذلك وهلاك أسماكها وغيرها من ذوات الأرواح وفساد سائر نعمها التي فيها. ويكون ذلك ليذوقوا الشدّة في العاجل وليحشروا في الآجل إلى جهنّم وبئس المصير (بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) أي بسوء أفعالهم وأقوالهم.
وفي الكافي والقمّي عن الباقر عليهالسلام ، قال : ذاك والله حين قالت الأنصار : منّا أمير ومنكم أمير (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا) أي أنّه تعالى أفسد عليهم أسباب المنافع الدنيوية ليذيقهم فيقاسوا ويكابدوا بعض جزائهم في الدّنيا ويكون تمامه في الآخرة (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) علّة لجزائهم العاجلة أي يرجعون عمّا هم عليه. ويحتمل أن تكون اللام للعاقبة.
٤٢ ـ (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا ...) إن الله تعالى كرّر الأمر بسير الآفاقيّة تأكيدا وتذكيرا للاعتبار ، فإن في ذلك أخبار الأمم السالفة والإنسان يستبصر إذا شاهد كيف صنع بهم وبملوكهم العتاة الظالمين والقرون العاصية ، وكيف أهلكهم الله فصارت قصورهم قبورا ومحافلهم مقابرهم فإذا شوهدت تلك الأمور يتحقق ويعلم مصداق القول المذكور (لِيُذِيقَهُمْ) ، الآية ثم بيّن سبحانه أنّه فعل بهم ما فعل لسوء صنيعهم فقال : (كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ) فليعلم أن العذاب العاجل لم يختصّ بالمشركين فقط ، بل قد يقع على المعلن بالفسق والمخالفة والعصيان كما كان على أهل السّبت وغيرهم من الموحّدين العاصين ، ولكن الأغلب في عذاب الاستئصال يكون بسبب الشّرك.
٤٣ ـ (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ ...) أي فانصب قلبك وتوجّه به إلى دينك الذي هو في غاية الاستقامة والعدل الذي ادّخرته لك. فكما أنك خاتم الأنبياء فكذا دينك وهو دين الإسلام خاتم الأديان ، حيث إنّه جامع لكل ما يحتاج إليه البشر إلى يوم يبعثون. والخطاب للنبيّ الأكرم لمحض التشريف وهو لا يختصّ بفرد دون فرد. فيا ليت كنّا متوجهين إلى فضيلة ما