أمرنا وكلّفنا به فإن هذا الدين الذي أمرنا بالأخذ به والعمل على طبقه هو الذي كلّف به أشرف الأنبياء والمرسلين. وقد قال صلىاللهعليهوآله : إن الله أمر عباده المؤمنين بما أمر به عباده المرسلين. لكن أسفا وألف أسف لأنّنا ما قدرناه حق قدره وحفنا عليه ولفظناه وطرحناه وراء ظهورنا فخسرنا خسرانا مبينا (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ) مردّ مصدر. والجار في قوله (مِنَ اللهِ) متعلق بيأتي. أي قبل مجيء يوم من عند الله الذي لا يقدر أحد أن يردّه لتحتّم الإتيان به وهو يوم القيامة (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) أي يتصدّعون يعني يتفرّقون إلى الجنّة والنار.
٤٤ و ٤٥ ـ (مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ...) أخذ تعالى في بيان فريق النار وفريق الجنّة بقوله (مَنْ كَفَرَ) إلخ يعني فريق النار هو الكفرة الملحدون وهم المعاقبون بكفرهم ، وأهل الجنّة من يعمل صالحا فيهيّئ ويسوّي منازل في الجنّة لنفسه. وفي المجمع عن الصّادق عليهالسلام قال : إن العمل الصّالح ليسوق صاحبه إلى الجنة فيمهّد له كما يمهّد لأحدكم خادمه فراشه (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) هذا الذيل علّة لما يترتب على الكفر من الوبال والنار المؤبّد ، وعلى العمل الصالح من تمهيد المنازل في الجنّة العالية والمخلّد فيها. وفي الكشاف أن هذا تقرير بعد التقرير على الطّرد والعكس.
* * *
(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٤٦) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧))