دعاؤه إلّا فرارا ونصحه إلّا كفرا وضلالا وإصرارا ، قال الله تعالى له : يا محمّد خلّهم وذرهم في ضلالتهم يخوضون فإنّك لا تقدر على هدايتهم فإن مثلهم مثل الموتى.
* * *
(فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٥٢) وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (٥٣))
٥٢ ـ (فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى ...) أي لا تستطيع إسماع موتى القلوب يعني الكفرة الذين سدت مشاعرهم عن استماع المواعظ والنصائح الحقّة فإنهم في حكم الموتى (وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ) أي ولا تقدر على إسماع من بهم صمم فإنّ حالهم كحالهم في عدم الانتفاع بالسماع (إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) أي حين يبتعدون عن الاستماع فإسماعهم أشدّ استحالة لأن الأصمّ المقبل وإن لم يسمع الكلام لكن بسبب حركات الشفة واليد وإشارة الرأس والعين يمكن أن يستفيد شيئا ما ، بخلاف الأصمّ المدبر فإنه من محروم هذا المقدار من الاستفادة أيضا.
٥٣ ـ (وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ ...) أي أنّ مثل الكفّار مثل العميان في عدم الاهتداء للطريق المقصود ، يعني يا محمد أنّك لا تهدي ولا تستطيع إرشاد عميان القلوب حيث إنهم أشدّ استحالة للهداية من عمي العيون ، فإن من عميت عينه يمكن هدايته إلى الطريق باللسان أو بأخذ يده لأنه يستمع لما يقال في مقام الهداية ويعطي يده إلى قائده ويطمئنّ إليه بخلاف الإنسان الجاحد العنود الذي لا يستمع نصح الناصح ولا دعوة الدّاعي إذا دعاه فلا يقدر على هدايته أحد إلّا الله ، فلذا خاطب الله تعالى