نبيّه الأكرم (ص) بأنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء (إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا) أي الذي يستمع القول ويتلقاه ويتدبّر معناه (فَهُمْ مُسْلِمُونَ) مسلّمون بما تأمرهم به وتنهاهم عنه حيث إنّهم يتّبعون سبيل الهداية والإرشاد. ثم إنه سبحانه عاد إلى ذكر البراهين الدالة على كمال القدرة والتوحيد لأنّهما الأهم فكرر أدلتهما على اختلافها بمناسبتها في كلّ مورد فذكر أوّلا ما هو الأساس في بدء خلق الإنسان بمقتضى قوله سبحانه : (خُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) فقال عزّ من قائل :
* * *
(اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (٥٤) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ (٥٥) وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٥٦) فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٥٧))
٥٤ ـ (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ...) أي كنتم في بدء الإيجاد ضعفاء في حالة الطّفولية فإن الأطفال لا يقدرون على البطش والمشي وعلى الأخذ والإعطاء وسائر التصرّفات والأعمال حتى على تحريك اليد والرجل وفتح العين وشم الرياحين بالاختيار ، نعم يرى له بعض الحركات في بعض