(وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ (٥٨) كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (٥٩) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (٦٠))
٥٨ ـ (وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ ...) أي بيّنا لهم بحيث أغنيناهم في البيان (فِي هذَا الْقُرْآنِ) المنزل على نبيّنا صلىاللهعليهوآله (مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) يدعوهم وينبّههم على التوحيد والإيمان بالبعث وإلى قول النبيّ (ص) (لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) من فرط عنادهم واسوداد قلوبهم (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ) أي أصحاب الأباطيل والتّزوير.
٥٩ ـ (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ ...) أي كما طبع على قلوب هؤلاء الكفرة (يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) أي الذين لا يعلمون شيئا من الحق ويعتقدون أن ما هو عقيدتهم من الضلالة والأباطيل هو الحق. ولا ريب أن الجاهل جهلا مركّبا لا يهتدي ولا يكون قابلا للهداية ، فكأنّه ختم وطبع على قلبه فلا يدرك الحق أبدا ولذا منع من ألطاف الحقّ عزوجل فتركه الله تعالى في تيه ضلالته والجهالة. والطبع كناية عن غاية قسوة القلب. ولما كان الجاحدون مصرّين على عدم استماع الحق والاهتداء ولا زالوا يؤذون أهل الإيمان بأقسام الأذايا فأمر الله تعالى نبيّه بالصّبر وبشّره بالنّصر تسلية له فقال :
٦٠ ـ (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ ...) أي اصبر على أذاهم (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) حين وعدك بالنصر وبإعلاء دينك فإن ذلك ثابت منجّز لا محالة (وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) أي لا يحملنّك على الخفّة والضجر ولا