فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٥٨) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (٥٩))
٥٦ و ٥٧ ـ (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ...) ففي يوم القيامة الملك لله تعالى وحده ، وهو الحاكم العادل الذي لا يجور في حكمه (فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) آمنوا به وصدّقوا رسله وعملوا بما أمروهم به يكونون (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) يتنعّمون بعطاياه السنيّة خالدين في جنانه وملكه الذي لا يبلى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) بنا وبالرّسل (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) أنكروا دلائلنا ومعجزاتنا (فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) عذاب يهانون فيه ويحتقرون ويستخفّ بهم. وفي هذه الآية الكريمة أدخل الفاء في الخبر ، ولم يدخلها في خبر الآية الخاصة بالمؤمنين ، لعلّه للتّنبيه بأن إثابة المؤمنين بالجنّات محض تفضّل منه تعالى ، في حين أن عقاب الكفرة مسبّب عن أعمالهم.
٥٨ و ٥٩ ـ (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا ...) أي الذين هاجروا من أوطانهم ، وجاهدوا في سبيل نصرة الحق ، ثم قتلوا في المعركة (أَوْ ماتُوا) في غيرها وهم بطريق الجهاد (لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً) ليعطينّهم عطاء جميلا بغير حساب (وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) بل لا رازق سواه بالحقيقة لأنه هو مسبّب الأسباب للحصول على رزقه من كلّ أبواب الرّزق ... وهؤلاء المجاهدون المقتولون في سبيله (لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ) ليدخلنّهم الجنّة التي يرضونها ويحبّونها ويشتاقون إليها. وقرئ مدخلا ومدخلا (إِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ) أي أنه خبير بما يفعل الناس ، رؤف بهم ، يمهل الكافر ، ويلطف بالمؤمن.
* * *