بين النبيّ وبينه تعالى ، وعلمها عنده تعالى وعند نبيّه (ص) ، و (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ) أي هذه الآيات آيات القرآن (الْحَكِيمِ) المحكم آياته أو المحكم ، أو آياته ذات الحكمة (هُدىً) بيانا ودلالة. ونصبه على الحال للآيات ، وهو مصدر بمعنى الفاعل من باب : زيد عدل أي حال كون الآيات هادية (وَرَحْمَةً) أي حال كونها نعمة (لِلْمُحْسِنِينَ) المطيعين أو للموحّدين ، أو المراد للّذين يحسنون العمل. ثم وصفهم سبحانه بقوله :
٣ إلى ٥ ـ (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ...) هذه الشريفة وما بعدها بيان للمحسنين ، وتكرير الضّمير تأكيد. وعن الكلبي ومقاتل أن النضر بن الحارث سافر إلى فارس للتّجارة فاشترى بعض الكتب الموضوعة للقصص والحكايات نحو ما كتب في أحوال رستم وبهرام وإسفنديار من ملوك الفرس وأمرائهم ، فكان يقرأ في مجامع قريش ومحافلهم بحيث أنّهم تركوا استماع القرآن وصاروا يجتمعون عنده لكثرة اشتياقهم لاستماع تلك القصص والحكايات الحلوة. وكان يقول النضر عنادا وإنكارا لما جاء به النبيّ من القرآن وغيره من المعجزات : إنّ محمدا جاء بقصّة عاد وثمود وملك سليمان وداوود ، وأنا أخبركم عن سعة ممالك ملوك العجم وأكاسرته وقياصرته ، فنزلت الآية الشريفة :
٦ ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي ...) أي النضر أو غيره من المعاندين والمشركين يشتري (لَهْوَ الْحَدِيثِ) أي التغنّي أو مطلق ما يلهي عن سبيل الله وعن طاعته من الأباطيل والمزامير والملاهي والمعازف والأحاديث التي لا أصل لها والأساطير التي لا اعتبار فيها ونحوها من الملاهي (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) وطريقته الحقة فيضلّ الناس عن دينه تعالى. ومن أضلّ غيره فقد ضلّ (بِغَيْرِ عِلْمٍ) بغير بصيرة حيث يشتري الباطل بالحق والضلالة بالهدى ، والجملة حال من فاعل (أضلّ) ومتعلّق به (وَيَتَّخِذَها هُزُواً) أي يتّخذ السّبيل المستقيم سخرية ويستهزئ بها ، ومن يفعل ذلك فله (عَذابٌ مُهِينٌ) ذو إهانة.