صغير جدّا أسود مقرّح. ومعنى الكريمة أن فعلة الإنسان من الخير أو الشر أو أفعاله بقرينة المقام ، ولعل تأنيث الفعل أيضا بذلك الاعتبار ، إن كانت في الصّغر مقدار خردلة (فَتَكُنْ فِي) أخفى المواضع كجوف (صَخْرَةٍ) أو في أعلاها (فِي السَّماواتِ) أو في أسفلها (فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ) أي يحضرها ليحاسب عليها (إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ) نافذ القدرة بحيث يصل علمه إلى كلّ خفيّ (خَبِيرٌ) عارف بكنه ذات الشيء وحقيقته. وروى العياشي عن الصادق عليهالسلام أنه قال : اتقوا المحقّرات من الذّنوب فإن لها طالبا.
١٧ ـ (يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ ...) إن الله تعالى عقّب تلك الجملة بقوله : أقم الصّلاة حكاية عن عبده الصّالح الذي أعطاه الحكمة تنبيها على أهمّيتها وربطها بالدّين كالصّلاة التي هي عماد الدين. والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر يمكن أن يقال إنهما من ناحية أهمّ منها حيث إنهما علة مبقية للدّين كما أنّ الأنبياء والرّسل كانوا علة محدثة له ولولاهما (أي الأنبياء والرّسل) ولو لا الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر لم يكن ولا يبقى من الدّين اسم ولا رسم كما هو المشاهد بالوجدان ولا يحتاج إلى إقامة البرهان ، والمراد بالمعروف ما هو الموافق للشرع والعقل ، والمنكر ما هو المخالف لهما أو لأحدهما (وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ) من المصائب والشدائد والأذى في الأمر والنهي أو مطلقا ، والأول مرويّ عن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ، والثّاني عن الجبّائي ، والحق مع عليّ عليهالسلام فإنه الظاهر من التعقيب بهما مضافا إلى أنّ باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أولى بالأمر بالصّبر لأن المصائب والشّدائد في هذين الفرضين أكثر من جميع الفرائض ، لأن الفرائض كلّها تسقط عند الدّماء وقتل النفس المحترمة ، بخلاف هذين فإن من مصاديقهما الجهاد ، الذي حقيقته الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر أو كلاهما. والوجدان يحكم بأن الجهاد وضع للفداء والتضحية في سبيل الدّعوة إلى الدّين ، وفي هذا الفرض أيسره