الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) المرتفع على كل شيء والغالب عليه وأكبر من كلّ كبير بحيث لا يكون أكبر منه ، ومتسلّط على الأشياء بأجمعها.
* * *
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣١) وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (٣٢))
٣١ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ ...) أي أن من آياته الدالة على ذاته المقدسة وقدرته الكاملة جري السّفن في البحار العظيمة الكبيرة (بِنِعْمَتِ اللهِ) بفضله ورحمته ، وفيه إشارة إلى ذكر السبب بأنّ السّفن تجري بسبب نعمته التي هي الريح حين تجري بأمر الله وتسوق السّفن إلى حيث تقصد ولو اجتمع خلق كثير ليجروا الفلك غير البخاريّة أو التي تسير بالمحرّكات على خلاف الجهة التي تجري الرياح إليها لما قدروا عليه (لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ) لتروا بعض أدلّته الدالة على تفرّده بالإلهية والقدرة والحكمة. ووجه الدّلالة من ذلك أن الله عزوجل يجري السّفن بالرّياح التي يرسلها في الوجوه التي يريدون المسير فيها ، وفي ذلك أعظم دلالة على أنّ المجري لها بالرياح هو القادر الذي لا يعجزه شيء (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) أي في جري السّفن بالأرياح لعلائم على شمول قدرته وكمال حكمته ووفور نعمته (لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) لمن صبر على البلايا والمحن وعلى مشاق التكاليف وأتعاب نفسه لينتفع بالنّظر في آياته الآفاقيّة والأنفسيّة وقيل أريد بالصبّار الشكور ، المؤمن ، لأن في الحديث : الإيمان نصفان :