نصف صبر ، ونصف شكر ، فكأنّه قال سبحانه : إن في ذلك لآيات لكلّ مؤمن (شَكُورٍ) لنعمائه. ثم إنه تعالى يخبر عن حال سكنة السّفينة بقوله تعالى :
٣٢ ـ (وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ ...) أي علاهم وغطّاهم موج البحر مثل الظّلل في الكبر. وهو جمع ظلّة وهي ما يستظلّ به من حرّ أو برد كالجبل والسّحاب وغيرهما من المظلّات وذوات الظّل (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) حال كونهم خالصين دينهم لله تعالى من شوائب الأوهام وأدناس الشّرك لأن خوف الغرق والهلاك أنساهم جميع من سواه وأزال ما ينازع الفطرة التي كانت داعية لهم إلى التوحيد (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) أي متوسّط في الكفر والإيمان فبعضهم ليس مثل غيره متوغّلا في الكفر ومصرّا على الشرك ، ولا متصلّبا في الإيمان بحيث ينسى ما سوى الله سبحانه ويعاديهم. وقيل معنى المقتصد الباقي على الإيمان. ومن هذا يستفاد أن بعض الآخرين عادوا ورجعوا إلى كفرهم ولا يفعل ذلك (إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ) غدّار شديد الغدر.
وقد قال القميّ : الختّار هو الخدّاع. و (كَفُورٍ) يعني شديد الكفر بنعم الله عزوجل.
* * *
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٣٣) إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ