فقال الله تبارك وتعالى ذلك (وَمَنْ عاقَبَ) يعني رسول الله (بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ) حين أرادوا أن يقتلوه فخرج من مكة خائفا (ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ) بغلبة يزيد وأمثاله من الأمويّين والعباسيّين على آله صلىاللهعليهوآله (لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ) يعنى بالقائم من ولده صلوات الله عليهم أجمعين.
٦١ ـ (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ ...) أي المذكور من النّصر الإلهي للمظلوم على الباغي (بِأَنَّ اللهَ) أي بسبب أنه تعالى قادر على أن يغلّب بعض الأشياء على بعض وعادة الله وسنّته جرت على المداولة بين الأشياء المتعاندة لمصالح وحكم اقتضت ذلك ومن جملة ذلك أنه سبحانه (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ) أي يدخل كلّا منهما في الآخر بنقصان زمان كل واحد وزيادته على الآخر أي يزيد على الليل وينقص من النهار وكذلك العكس (أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) يسمع قول الظالم والمظلوم ويرى أفعالهما.
٦٢ ـ (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ ... ذلِكَ) أي اتّصافه بكمال القدرة والعلم وإحاطته بجميع الموجودات (بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ) بسبب أنه تعالى هو الثابت في نفسه والواجب بذاته لذاته فالنتيجة (وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) إلها (هُوَ الْباطِلُ) أي ما يعبدونه من الأصنام هو زائل وزاهق في حدّ ذاته أو في ألوهيّته (وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) فهو في ذاته أعلى ممّن سواه وفي سلطانه أكبر ممّا عداه لأن منشأ وجود غيره تعالى هو وجوده سبحانه وتعالى فإن وجودات الموجودات إفاضات ورشحات من فيض وجود ربّهم الذي هو الواجب بالذات وكل ما بالعرض لا بد وان ينتهي إلى ما بالذات. قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : أصدق بيت قالته العرب قول لبيد : ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل ...
* * *
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (٦٣) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما