طريق أعرف فأنزل الله تعالى : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ) ، الآية يعني تلك الأمور الخمسة المسئول عنها علمها عندي واستأثرت به ولم أطلع عليه أحدا من خلقي. فالمقصود بهذه الكريمة نفي علم هذه الأمور الخمسة عمّن سواه. ويمكن أن يقال أن التحقيق في تعقّب الشريفة لما سبقها أنه لما قال سبحانه : (وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ) وذكر سبحانه أنه كائن بقوله : (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) فكأنه قال قائل : متى يكون هذا اليوم كما أشرنا ، فأجاب الله بأن هذا العلم ممّا لا يحصل لغير الله تعالى ولكن هو كائن.
٣٤ ـ (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ...) تقديم الظرف للحصر ، فإنّه متعلّق بالعلم ، أي هو يعلم وقت قيامها ولا يدري غيره (وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) في زمانه المقدّر له والمحل المعيّن له (وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ) من ذكر أو أنثى ، قبيح أو جميل ، سخيّ أو بخيل وغير ذلك من مقدّرات الحمل (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً) أي قضى عليها بأن لا تعرف ما تكسب غدا من خير أو شرّ ولذا ربّما تعزم على شيء فتفعل خلافه (وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) وتذكير (أيّ) لأنه أريد بالأرض المكان ويجوز أن يقال بأيّة أرض.
وروى القميّ عن الصّادق عليهالسلام هذه الخمسة أشياء التي لم يطّلع عليها ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ، وهي من صفات الله (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ) فإنّه تعالى أكّد أن العلم بها مختص به بابتداء هذه الجملة واختتامه (خَبِيرٌ) عارف بكنه ذات الأشياء وبواطنها.