الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٩))
٤ ـ (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ...) أي أوجدهما وأنشأهما (وَما بَيْنَهُما) من الحيوانات والنّباتات والجمادات (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) في مقدار من الزمان يصير إذا حدّد وعيّن ستّة أيام من أيام الدنيا. فإنه قبل خلقهما لم يكن شمس ولا قمر حتى يعيّن يوم وليلة (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) أي استقرّ واستولى عليه وهو أعظم المخلوقات ، أو المراد عالم الأمر والتّدبير وقد مرّ تفسيره في سورة الأعراف فلا بدّ للعباد أن يعبدوه ولا ينحرفوا عن طريقه تعالى ، فإنّه ليس في الدنيا ولا في العقبى ناصر ولا معين إلّا هو (ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ) حتى ينصركم ويشفع لكم (أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) بمواعظ الله ونصائحه؟ والاستفهام للإنكار أي أنكم لا تتذكّرون ولا تتعظون ، وهذا يوجب التعجّب.
٥ إلى ٨ ـ (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ...) أي يسبّب أمر الدنيا مدّة أيامها فينزله (مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ) أي يرجع الأمر كلّه (إِلَيْهِ) من بعد وجودها إلى ما بعد فنائها (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) في الدّنيا (ذلِكَ) أي الذي يدبّر الأمر على النهج المذكور (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) يعلم ما غاب عن الخلق وما يشاهد ويحضر ، فيدبّر أمرهما على وفق الحكمة (الْعَزِيزُ) الغالب على أمره أو المنيع في ملكه (الرَّحِيمُ) بعباده في تدبير أمرهم معاشا ومعادا (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) أي أتقن وأحكم خلق كل شيء بحيث أعطاه ووفّر له ما يليق به طبق الحكمة والمصلحة ، وهذا هو معنى أحسن الخالقين