سبعين مرة ليتجدّد له (ص) مقام أسمى ممّا كان فيه. والحاصل أن النبي (ص) ما دام في الدّنيا لم يأمن من احتجابه وتوقّف رفعة مقامه ، كيف لا والأمور الدّنيوية شاغلة والآدميّ في الدنيا تارة مع الله وأخرى يقبل على ما لا بدّ منه وإن كان الله معه ، وإلى هذا أشار بقوله (إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) والفرق أنه يوحى إلي يعني يرفع الحجاب عنّي وقت الوحي وأرى ما أنتم محجوبون عنه ثم أعود إليكم كأنّي منكم ، واحتاج إلى ما أنتم تحتاجون إليه. فالأمر بالتّقوى يوجب استدامة الحضور والإدمان على التّقوى لمزيد الرتبة (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) نزلت في أبي سفيان بن حرب وعكرمة بن أبي جهل وأبي الأعور السّلمي ، فإنّهم بعد واقعة أحد طلبوا من النبيّ (ص) الأمان وجاؤوا من مكة إلى المدينة ليتكلّموا وليتفاهموا مع النبي صلىاللهعليهوآله ونزلوا على رأس أهل الشقاق والنفاق عبد الله بن أبيّ وعبد الله ابن أبي سلّول فقام هؤلاء الثلاثة مع رؤساء كفرة قريش. والمراد بالشريفة (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ) هؤلاء الثلاثة الذين قام معهم عبد الله بن أبيّ وعبد الله بن سعد بن أبي سرج وطعمة بن أبيرق ، فهم الذين عبّر عنهم في الآية بالمنافقين ، فدخلوا على رسول الله فقالوا يا محمد ارفض ذكر آلهتنا اللات والعزّى ومناة وقل إن لها شفاعة لمن عبدها ، وندعك وربّك. فشقّ ذلك على رسول الله صلىاللهعليهوآله فأمر بإخراجهم من المدينة فنزلت الكريمة : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً) بالمصالح والمفاسد (حَكِيماً) يحكم بما تقتضيه الحكمة ، والنّداء نداء تعظيم وتبجيل.
٢ ـ (وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ ...) أي القرآن ـ و (خَبِيراً) لا يخفى عليه شيء من أعمالكم فيجازيكم بها إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ.
٣ ـ (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً ...) أي قائما بتدبير أمورك حافظا لك ودافعا عنك.
* * *