فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلاَّ قَلِيلاً (٢٠))
١٨ ـ (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ ...) أي القاعدين والمتخلّفين عن مقاتلة الأحزاب مع النبيّ (ص) أو الذين يعوّقون الناس ويمنعونهم عن عمل الخير ، وفي الآية هم الذين يمنعون عن نصرة النبيّ. وقيل في وجه نزولها أن واحدا من عساكر النبيّ يوم غزوة الخندق ذهب إلى المدينة ودخل بيت أخيه فرأى أنه هيّأ مجلس طرب له فقال : يا أخي أنت بهذه الحالة والنبيّ محاط بأعداء الله من كلّ جانب؟ فأجابه وقال له : يا أبله ويا أحمق ، اقعد هنا واشتغل بالطرب والنشاط معي فإنّ النبيّ وأصحابه أخذهم البلاء ولا ينجون منه أبدا. فرجع من عند أخيه حتى يخبر النبيّ بمقالة أخيه فسبقه جبرائيل وأخبر النبيّ بذلك قبل إخباره وجاء جبرائيل بالآية الشريفة (وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا) هلمّ اسم فعل بمعنى اقربوا إلينا ، ويستوي فيه المفرد والجمع وهذا من لغة حجاز (وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً) أي المنافقون لا يحضرون القتال إلّا قليلا منهم ، أو لا يقاتلون إلا مقاتلة قليلة.
١٩ ـ (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ...) أي بخلاء عليكم بالمعاونة أو بالنفقة في سبيل الله أو بكليهما أو بالظفر والغنيمة ، وهم مع ذلك (فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ) حلّ بهم الفزع حين تدور الحرب (رَأَيْتَهُمْ) يا محمد وهم ينظرون إليك وإلى المعركة (تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ) تتحرّك أحداقهم يمنة ويسرة (كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) كالمغشيّ عليه في سكراته ، وذلك لغلبة الخوف والفزع (فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ) أي يؤذونكم ويزعجونكم ببذيء الكلام (أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ) يعني عند تقسيم الغنيمة يجادلون ويناقشون مزيد حقهم وتوفير حصّتهم ليرد الكسر على المؤمنين ويذهبوا