بحقّهم. ونصب (أَشِحَّةً) في الموضعين يحتمل أن يكون على الحاليّة أو على الذّم (أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا) على وجه الإخلاص باطنا ، بل كان إيمانهم صوريّا ظاهريّا لحقن دمائهم وحفظ أموالهم وأخذ الغنيمة وغيرها من الأغراض الفاسدة ، وكانوا في الواقع مع المشركين ولهذا فهم لا يستحقّون الثواب على أعمالهم (فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ) أي أظهر بطلانها وعدم ترتّب الثواب عليها ، أو أبطلها وجعلها هباء منثورا ، أو أبطل أعمالهم من تصنّعهم ونفاقهم ومكرهم وكيدهم مع النبيّ (ص) والمؤمنين المخلصين. أو المراد هذه وغيرها من الأعمال كصلواتهم وصيامهم وجهادهم فالله تعالى أبطلها جميعا من غير استثناء لعدم شرط القبول وهو الإخلاص في واحد منها (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) أي هيّنا ، وذلك إشارة إلى الإحباط.
٢٠ ـ (يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا ...) أي المنافقون كانوا يظنّون أنّ الأحزاب لم ينهزموا وأنهم باقون على ما كانوا. ولقد انهزموا وانصرفوا (أي المنافقون) لجبنهم وما سألوا عن حال الأحزاب إذ كانوا قد انصرفوا إلى المدينة خوفا وبلا استئذان من الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله (وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ) كرّة ثانية (يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ) أي يتمنّى هؤلاء المنافقون أن يكونوا في البادية مع البدو والأعراب (يَسْئَلُونَ) كلّ قادم من طرف المدينة (عَنْ أَنْبائِكُمْ) عن أخباركم وعمّا جرى عليكم من المشركين (وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ) في هذه الكرّة (ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً) أي لم يقاتلوا معكم الأحزاب إلّا قدرا يسيرا ، رياء وخوفا من العار ، وهم لا ينصرونكم لأنّ قلوبهم مع الأحزاب.
* * *
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً (٢١) وَلَمَّا رَأَ