السّلم وفي الراحة والتعب وفي كل وقت من حياته.
٢٢ ـ (وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ ...) أي حين نظروا إليهم يوم الخندق (قالُوا) في أنفسهم : (هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ) من حرب الكفّار والنّصر عليهم (وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ) في كلّ ما يصدر عنهما (وَما زادَهُمْ) هذا المشهد الذي ينذر بواقعة حربيّة رهيبة (إِلَّا إِيماناً) بما هم عليه من الحق (وَتَسْلِيماً) لأمر الله سبحانه وأمر رسوله صلىاللهعليهوآله. ثم إنّه تعالى وصف بعض المؤمنين الذين شاركوا في تلك المعركة ببعض خصالهم الشريفة فقال :
٢٣ ـ (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ...) أي تجد بين المؤمنين بالله وبرسوله رجالا امتازوا عن غيرهم بصدق العهد الذي أعطوه لله تعالى على أنفسهم من نصر دينه وإعلاء كلمته والجهاد مع رسوله (ص) والثبات معه ، وقد أبلوا في هذه الوقعة بلاء حسنا وحاربوا بإخلاص (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ) أي قتل ومات كحمزة وجعفر بن أبي طالب عليهماالسلام وكغيرهما من الشهداء الأبرار. وإنّه لما استشهد جعفر بن أبي طالب (ع) في معركة (مؤتة) رفعه أهل الشّرك على رؤوس رماحهم وقد تألّم النبيّ (ص) لموته كثيرا وحزن عليه حزنا شديدا إذ كان الكفّار قد قطعوا يديه في القتال فأبدله الله تعالى بهما جناحين يطير بهما في الجنّة حيث يشاء مع الملائكة. و (النحب) هو النّذر ، وقد أستعير للموت لأن الموت مخطوط على جيد ابن آدم كالنّذر اللازم على رقبة صاحبه ، وإن كل ذي حياة إذا مات فكأنّه قد وفي بنذر كان عليه لأنه قضى عهدا معهودا عليه ، ولذا يقال : قضى نحبه ، كما يقال : وفي بنذره. والحاصل أن من هؤلاء المؤمنين من قد مات واستشهد وقضى ما عليه من خدمة الله والدّين (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) الشهادة في سبيل الله كعليّ أمير المؤمنين عليهالسلام (وَما بَدَّلُوا) العهد مع الله ورسله ولا غيّروه ، و (تَبْدِيلاً) تأكيد لثباتهم على ما هم عليه من الإيمان الراسخ.