في باب النكاح بخلاف الأمّة على ما يشير إليه قوله تعالى (لِكَيْ لا يَكُونَ) الآية (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) لما يشاء (رَحِيماً) بالتوسعة لعباده في مظانّ العسر والحرج.
٥١ ـ (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ ...) أي تؤخّرها وتترك مضاجعتها. أو المراد تطلّقها (وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ) أي تضمّ إليك وتمسك من تشاء وتنكحها. وقد مرّ قريبا أنه لما اقترحت نساء النبيّ (ص) عليه أشياء ، وطلبن منه أشياء ، لم تكن ميسورا له فهجرهنّ واعتزل عنهنّ بأمر منه تعالى فنزلت آية التخيير بين الدنيا والآخرة ، فمن أرادت منهن الدنيا سرّحها سراحا جميلا ومن أرادت الآخرة فأمسكها. وهذه الآية من متّممات آية التخيير ، وكذلك الآية اللّاحقة بها (وَمَنِ ابْتَغَيْتَ) أي طلبت ، وتريد أن تؤوي وتضمّ إليك (مِمَّنْ عَزَلْتَ) من النساء اللواتي هجرتهنّ وتركتهنّ (فَلا جُناحَ عَلَيْكَ) في ذلك كلّه (ذلِكَ) أي التفويض إلى مشيئتك و (أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَ) أي أقرب إلى أن تبرّر أعينهنّ ، كناية عن سرورهن لرؤية ما كنّ متشوّقات إليه ، وهو ايواؤه لهنّ صلوات الله عليه وضمّهنّ إليه بعد العزل (وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَ) لأن الحكم فيهنّ كلّهنّ سواء ، فإن سوّيت بينهنّ فوجدن ذلك تفضّلا منك وإن رجّحت بعضهنّ علمن أنه بحكم الله تعالى فتطمئنّ نفوسهنّ ويرضين بذلك الترجيح (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ) أي من الرضا والسّخط والمليل إلى بعض النساء دون بعض (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بما في الصّدور (حَلِيماً) رؤفا لا يعجل بالعقوبة مع كمال قدرته ، فهو الحقيق بأن يتّقى.
٥٢ ـ (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ ...) أي بعد النساء اللواتي أحللناهنّ لك بقولنا (إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ) ، الآية وهنّ ستّة أصناف من النّساء على ما عدّهنّ الله تعالى في الكريمة السّابقة (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ) أي ولا يحلّ لك أن تبدّل من هؤلاء التسع بغيرهنّ بأن تطلق واحدة منهنّ وتأخذ بدلها من غيرهنّ. وقيل أن تبدّل المسلمات