٣ و ٤ ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ ...) إمّا إنكارا لمجيئها ، أو استبطاء واستهزاء بالوعد بها (قُلْ بَلى وَرَبِّي) ردّا لقولهم وإثباتا لما وعدهم به (لَتَأْتِيَنَّكُمْ ، عالِمِ الْغَيْبِ) لتجيئنّكم و (عالِمِ) صفة (رَبِّي) وتكرير لقوله بلى وربّي فقوله (لَتَأْتِيَنَّكُمْ) تكرير لقوله (بَلى وَرَبِّي) وأكّد إتيانهما باليمين مع أنّهم مشركون والمسألة أصوليّة راجعة إلى أصول العقائد وهي لا تثبت باليمين ، والجواب أنّه تعالى ما اقتصر على اليمين بل عقّبها بالدّليل وهو قوله (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا) أي يكون الجزاء فيها لينتقم من الظالم للمظلوم فيكون خلاف العدل والحكمة. (لا يَعْزُبُ عَنْهُ) أي لا يغيب عنه (مِثْقالُ ذَرَّةٍ) أي زنة وأصغر جزء ممكن (فِي السَّماواتِ) إشارة إلى علمه بالأرواح (وَلا فِي الْأَرْضِ) إشارة إلى علمه بالأجسام ، والإنسان روح وبدن ولا يستبعد عن الذي في غاية القدرة والاستطاعة ، والذي هو محيط بما سواه تمام الإحاطة أن يعيد الإنسان بعد الإماتة : للجزاء كما قال تبارك وتعالى. وقوله سبحانه (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا) ، إلخ علّة لإتيان السّاعة وبيان لدليل مجيئها على ما بيّناه إجمالا قبيل ذلك (أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) أي في الجنّة. والرزق الكريم ما يأتي من غير طلب. فلا تعب فيه ولا منّة.
٥ ـ (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا ...) أي عملوا لإبطالها (مُعاجِزِينَ) مسابقين لنا ظانّين أن يفوتونا (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) أي من سيّء العذاب المؤلم. والرّجز هو سوء العذاب كأنّه قال عذاب مؤلم من أسوأ العذاب.
٦ ـ (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ...) أي أهل العلم وهم الذين يعلمون أنّ القرآن الذي أنزل إليك (هُوَ الْحَقَ) لأنّهم يتدبّرونه ويتفكّرون فيه ، فيعلمون بالنظر والاستدلال أنه ليس من قبل البشر (وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) ويعلمون كذلك أنّه يهدي ويرشد إلى دين القادر الذي لا