بقوله (يا جِبالُ أَوِّبِي) أي سبّحي معه من التأويب وهو التسبيح. أي إذا سبّح داود سبّحي معه فأنطقها الله تعالى بالتسبيح حين ما يسبّح داود كما أنطق الشجرة بقولها إنّي أنا الله ، وكما أنطق الحصى في كفّ نبيّنا (ص) وأمرها بالتسبيح فسبّحت بحيث استمع أهل المسجد تسبيحها لله تعالى كما يسمع من المسبح معجزا له أو أن هذا من آب يؤب بمعنى رجع أي ارجعي معه التّسبيح على ما روي من أن الطّير والجبال كانت ترجّع التسبيح مع داود عليهالسلام. وأمّا ما قيل في كيفيّة تسبيحها بخلق الكلام فيها تسبيحا ، أو بعبارة أخرى بإيجاده فيها كما أوجد في الشجرة ، أو بكيفية أخرى أنطقها وأنطق الشجرة والحصى ، فنحن لا ندري وليس لنا علم بذلك وكل ما قيل فهو لو كان من أهل بيت النبوّة فمقبول وإلّا فمردود. والحاصل أن نطق كل شيء بما يناسبه ، فإذا أسند إلى الإنسان كان عبارة عن التكلّم بالصّوت والحروف ، أو إذا أسند إلى الكتاب فقيل كتاب ناطق أي بيّن وواضح ، أو إلى الطّير فهو بكيفيّة أخرى يعرفها من علّمه الله منطقه ، وإذا أسند إلى الجبال والأشجار فهو إمّا بإيجاد الصوت فيها أو بما أراده الله من الكيفيّات المسموعة حينما يستنطقها الله بحيث يفهمه كلّ من أراد الله إفهامه وأعطاه الأذن الواعية. وتأويب الجبال والطير من معجزات داود عليهالسلام أعطاه الله ذلك فضلا وإظهارا لقدرته الكاملة فيما أعطاه. فإن تسبيح الجبال والطير أو سير الجبال معه طبق مشيئة داود (ع) على ما هو أحد معاني التأويب أي السّير ، هو أمر خارق للعادة فما توهّمه البعض من أن المراد بتسبيح الجبال حينما يقرأ داود الزّبور هو ارتجاع صوته إليه وارتداده على وجهه كما يتّفق كثيرا في الأبنية الرفيعة إذا صوّت الإنسان تحتها ونادى فترتجع صوته بما يتكلّم بعينه كأن شخصا يحكي قوله مردود ، لأنه أمر يتفق لكل ذي صوت حتى عند استكاك حجر بحجر فما يكون من خصائص داود ومعجزاته يكون قابلا للذّكر في الآية الكريمة في مقام إظهار قدرته وإعطائه لنبيّه عليهالسلام منّة عليه. فهذا كلام شعريّ لا أساس له وقد قيل من غير رويّة. هذا مضافا إلى عطفّ الطير عليه فلا بد من أن