مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٢١))
١٥ ـ (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ ...) أي لولده ، وهو ابن يشخب بن يعرب بن قحطان ، فالمراد به هاهنا القبيلة الذين هم من الأولاد سبأ بن يشخب المذكور ، وسبأ أبو القبيلة ،سئل النبيّ (ص) أنّ سبأ رجل هو أم امرأة؟ فقال هو رجل من العرب ولد عشرة أولاد تيامن منهم ستّة وتشأّم منهم أربعة. فأمّا الذين تيامنوا فالأزد ، وكندة ، ومذحج ، والأشعرون ، والأنمار ، وحمير. وقيل ما الأنمار؟ قال الذين منهم خثعم ، وبجيلة. وأمّا الذين تشأّموا فعاملة ، وجذام ، ولخم ، وغسّان ، وكلّهم رؤساء القبائل والعشائر في اليمن. فسبأ أبو عرب اليمن كلّها وقد سمّيت به القبيلة (فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ) باليمن ، علامة دالّة على كمال قدرة الله وعظمته وسبوغ نعمه. ثم إنه سبحانه فسّر الآية بقوله (جَنَّتانِ) أي حديقتان ذاتي أشجار كثيرة عن يمين البلد وشماله متّصلة بعضها ببعض وكان من كثرة النعم أنّ المرأة كانت تمشي والمكتل على رأسها فيمتلى بالفواكه من غير أن تمسّ بيدها شيئا. وقيل المراد بالآية هي أنّه لم يكن في قريتهم بعوضة ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حيّة. وكان من الغريب أنّ من كان من خارج بلدهم إذا دخل عليها وفي ثيابه قمّل أو دوابّ أخرى ماتت في ساعتها. والحديقتان في تقاربهما واتّصال كلّ واحدة منهما بالأخرى فكأنّهما جنّة واحدة ، وكذا قيل (كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ) على إرادة القول : أي أنبياؤهم يقولون لهم : كلوا من هذه النّعم وافعلوا شكرها يزدكم من نعمه (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ) أي هذه بلدة طيّبة أي منزهة مخصبة عذبة مياهها. والحاصل لعلّه أراد الله بكونها طيّبة حكاية عن أنبيائهم لصحّة هوائها وعذوبة مائها وسلامة تربتها ، وأنّه ليس فيها حرّ يؤذي في القيظ