يعود لبني آدم أو إلى أهل سبأ بمناسبة المقام ، يعني لما ظنّ الشيطان تسلّطه وقدرته على إغوائه لبني آدم بالقوّة الشهويّة والغضبيّة التي أودعها الله فيهم فصار صادقا في ظنّه. أو لاستماعه قول الملائكة : أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدّماء ، وقوله : ولأضلّنهم ولأغوينّهم ولأحتنكنّ ذرّيته إلّا قليلا ولا تجد أكثرهم شاكرين وما قال ذلك عن علم وتحقّق بل ظنّ السّلطة عليهم في إغوائهم فصدّق ظنّه حيث رأى الناس معرضين عن متابعة الأنبياء ومقبلين ما يدعوهم إليه (فَاتَّبَعُوهُ) أي فيما دعاهم إليه (إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) من : هنا للتّبيين يعني المؤمنين كلّهم ، وعن ابن عباس : أي علموا قبح متابعته فلم يتّبعوه واتّبعوا أمر الله سبحانه وتعالى. ويحتمل أن تكون للتّبعيض والمراد أن بعض المؤمنين ما اتّبعه ، وهم العباد المخلصون ، أي الأنبياء والأئمّة المعصومون عليهم الصلاة والسلام.
٢١ ـ (وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ ...) أي أن تسلّط إبليس واستيلاءه على من ثبت وحقّق ظنّه في حقّهم ما كان عن قوّة فيه تجبرهم على مطاوعته في وسوسته ، ولكنه كان باختيارهم ، ولم يقع منهم (إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍ) أي إلّا لتميّز المؤمن من الشاكّ فنجازي كلّا منهما جزاءه ، فالله تعالى أراد بحصول العلم حصول متعلّقه ، أي التميّز بين الفريقين ليتحقق أن الجزاء عن استحقاق كلّ واحد لما يستحقّه ، وربّك (حَفِيظٌ) أي رقيب على كلّ شيء.
* * *
(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢)