هدى ، أي على طريق الهداية والاستقامة (أَوْ فِي ضَلالٍ) أي على جادّة الغبّي والضّلالة ، والإبهام إنصاف من الخصم وتلطّف به وهو أبلغ من التصرّيح فقوله : بمن هو على هدى ومن هو في ضلال مبين ، قسم من المجادلة بالأحسن.
٢٥ ـ (قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا ...) أي قل أنتم غير مسئولين بجرمنا إن كان علينا جرم (وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) وكذلك نحن غير مسئولين عن أعمالكم. وهذا أزيد في الأنصاف وأبلغ في الإسكات لأنّه أسند الاجرام إلى أنفسهم والعمل إلى الخصم وهذا يدل على كمال الخضوع صورة ، وغاية المماشاة مع الخصم المشاغب فيكون أدخل في ترغيب المخاطب إلى مدّعى المتكلم ولو كان الواقع خلاف ما يفهم المخاطب فإن المراد بالإجرام هو الصّغائر من الزّلات التي كان المؤمن يرجو العفو عنه (وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) والمراد بالعمل هو الكفر والمعاصي العظام التي لا يرجى العفو عنها. وفي الكريمة دلالة على أن أحدا لا يؤخذ بذنب أحد ولا يؤخذ الجار بجرم الجار. ولمّا لم يؤمن الكفرة مع إيضاح الحجّة عليهم وتمامها أمر الله تعالى نبيّه بالإعراض عنهم وقال :
٢٦ ـ (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ...) أي يحشرنا وإيّاكم ربّنا يوم الجمع (ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا) وبينكم ، أي يحكم ويفصل (بِالْحَقِ) بالعدل والإنصاف بأن يدخل المؤمنين المحقّين الجنّة والمشركين المبطلين النّار (وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ) أي الحاكم في القضايا المغلقة والعالم بكيفيّة الحكم طبق الحكمة والمصلحة.
٢٧ ـ (قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ ...) أي عرّفوني وأعلموني الذين زعمتم أنهم شركاء الله في استحقاق العبادة. وهذا الأمر للتهكّم والتّعجيز واستفسار عن شبهتهم بعد إلزام الحجة عليهم زيادة في تبكيتهم (كَلَّا) كلمة ردع لهم فالمشركون لا يقدرون على إثبات صفة للأصنام مشتركة بينها وبين الله عزوجل فبتلك الصّفة تكون مستحقة للعبادة