وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٥))
٤٠ و ٤١ ـ (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ ...) أي يبعث المشركين ويقول للملائكة : هل إياكم (كانُوا يَعْبُدُونَ) هذا السؤال يكون توبيخا للمشركين وتقريعا لهم وإقناطا لهم عمّا يتوقعون من شفاعتهم. وتخصيص الملائكة يحتمل من باب أنهم أشرف شركائهم وهم الصّالحون للخطاب. فلمّا خوطبوا بذلك الخطاب (قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا) أي قالت الملائكة : تنزيها لك من أن نعبد غيرك أو نتّخذ معبودا سواك ، أنت ناصرنا وأولى بنا من دون هؤلاء الكفّار ودون كلّ أحد ، وما كنّا نرضى بعبادتهم إيّانا مع علمنا بأنّك ربّنا وربّ كلّ شيء ، وأنت المعبود بالحقّ ولا معبود سواك (بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَ) أي يطيعونهم فيما يأمرونهم ويدعونهم إليه من عبادة الملائكة أو الأصنام أو غيرهما. وقيل إنّ مرادهم من الجنّ هو إبليس وأعوانه كان (أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ) أي المشركون جميعا كانوا مصدّقين بالشياطين مطيعين لهم فيما يزيّنون لهم من عبادة الملائكة وغيرهم.
٤٢ ـ (فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا ...) أي في الآخرة لا يملك العابدون ولا المعبودون نفعا بالشفاعة ولا ضرّا بالتّعذيب إذ الأمر فيه لمالكه أي الله الواحد القهّار والخطاب للملائكة والكفرة.
٤٣ ـ (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ...) أي ظاهرات واضحات (قالُوا ما هذا) أي محمّد (إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ) يمنعكم فيستتبعكم في الدلالة على الهداية والدّعاء إلى اتّباعه (وَقالُوا ما هذا) يعنون به القرآن (إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً) أي كذب مختلق (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِ) أي لله تعالى أو للنبيّ أو القرآن أو الإسلام (إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) ونسبة السحر إلى الله تعالى باعتبار أنه بزعمهم موجود خياليّ شبيه بالسّحر ، وإلى