فات من الأمر (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ) عارف بما يفعلون فيجازيهم عليه.
٩ ـ (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ ...) ثم عاد سبحانه إلى أدلّة التوحيد وبيانها وذكر شواهد القدرة لأن في هبوب الرّياح دليلا ظاهرا على الفاعل القادر. وبيان ذلك أن الهواء قد تسكن وقد تتحرّك وتتموّج فتهبّ شرقية أو غربية وفي تلك التحرّكات المختلفة قد تنشئ السّحاب وقد لا تنشئه وهذه الاختلافات الناشئة من طبيعة واحدة دليل واضح وبرهان ساطع على مسخّر ومدبّر لها عليم حكيم في كمال القدرة وغاية السّلطة. فريح الشمال والدّبور والجنوب قد (فَتُثِيرُ سَحاباً) وذلك بأن تهيّجه (فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ) التفات إلى التكلم يفيد الاختصاص ، أي إلى أرض مجدبة فيمطر على ذلك البلد (فَأَحْيَيْنا بِهِ) يعني بمائه المستكن في السّحاب (الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) فأنبتت بعد يبسها. وروى القمّي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه سئل عن السّحاب أين يكون؟ قال يكون على شجر على كثيب على شاطئ البحر يأوي إليه ، فإذا أراد الله عزوجل أن يرسله أرسل ريحا فأثارته فوكّل به ملائكة يضربونه بالمخاريق وهو البرق فيرتفع. وزاد في الكافي : ثم قرأ هذه الآية : (اللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ) ، الآية ... (كَذلِكَ النُّشُورُ) أي مثل إحياء الأرض إحياء الأرواح.
١٠ ـ (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً ...) أي من أراد الشّرف والعزّ والتّعالي فليطلبها منه بطاعته ، فإنها كلّها له ومن عند دنيوية وأخرويّة (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) أي التوحيد (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) في جملة (يَرْفَعُهُ) احتمالات ثلاثة : الأوّل : أن الضمير المستتر فيها يرجع إلى العمل الصالح ، والبارز يرجع إلى الكلم الطيّب لأن التوحيد وهو قول لا إله إلّا الله بغير العمل الصالح كالسحاب بلا مطر وكالقوس بلا وتر. فالقول لا بدّ وأن يعقبه العمل حتّى يكون منتجا. وفي بعض الآيات بعد