١٣ ـ (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ ...) مرّ تفسير نصف هذه الشريفة الأول فلا نكرّره ، فصاحب هذه القدرة والعظمة (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ) مدبّر هذه الأمور كلّها وخالق تلك النّعم الجليلة ، وهو خالقكم وبارئكم الذي انحصر به ملك الدنيا والآخرة ، وأمّا المعبودات التي أشركتموها معه ف (ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) أي لا يملكون القشرة الرقيقة الملتفّة على النّواة. وهذه مبالغة في القلّة ، ولكنّها ليست مبالغة في الواقع ونفس الأمر لأنهم لا يملكون خلق شيء ولا إيجاده ، فهم بحكم من لا يملك شيئا ، لأن معبوداتهم جمادات صمّاء بكماء ، وهي مملوكة لمن يملك الأشياء بحذافيرها كبيرها وصغيرها.
١٤ ـ (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ ...) لأنّهم جماد (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ) أي باشراككم حيث يبرءون من عبادتكم إيّاهم (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) أي يا محمد لا يخبرك بحقيقة الحال وواقع الأمر مثل ما يخبرك العليم بالحقائق والبصير بالأمور وهو الله تعالى. ثم أخذ سبحانه في بيان ما هو مستلزم لكونه حقيقا بالمعبودية وبطلان معبوديّة غيره لعدم استحقاقه أبدا ، وهو غناؤه المطلق الذي به أنعم على جميع الموجودات من الدّرة إلى الذّرة وفقر غيره غاية الفقر ونهاية الاحتياج بحيث لا يكون قابلا لأيّ تعظيم وتكريم فكيف للعبودية فقال تعالى :
* * *
(يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٦) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ (١٧) وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها