لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (١٨))
١٥ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ ...) أي أنتم المحتاجون إليه (وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُ) عن عبادتكم والمستغني على الإطلاق والمنعم على الممكنات طرّا بحيث استحقّ عليهم الحمد والشكر الجزيل. وقوله (الْحَمِيدُ) إشارة إلى هذا أي جهة استحقاقه الحمد والثناء الجميل.
١٦ و ١٧ ـ (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ...) هذا بيان لعدم الحاجة إليهم ، وإظهار لكمال قدرته ، ووعيد لهم بالإهلاك إذا لم يرجعوا عمّا كانوا عليه من الطغيان (وَما ذلِكَ) التهديد بإهلاكهم والإتيان بغيرهم من العباد الصالحين (عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) أي ليس ممتنعا عليه ولا صعبا لديه فإنه يقول للشيء كن فيكون. وبالمناسبة نذكر حكاية لطيفة لأحد الأعلام الذين عاصروا الشيخ مرتضى الأنصاري رحمهماالله تعالى ، ويسمّى بشريف العلماء ، ففي سنة مجدبة لم ينزل فيها مطر أبدا طلب سكان القرى المجاورة من شريف العلماء أن يخرج بهم إلى الفلاة ليصلّي بهم صلاة الاستسقاء لعلّ الله تعالى يرسل الغيث من عنده. فخرج وصلّى بهم ثم رفع يديه نحو السماء وقال : اللهم إن أردت أن تهلك هؤلاء الجماعة بمنع المطر عنهم وتأتي بخلق جديد ، فإنك قادر على ذلك ، ولكن لم يأت خلق جديد إلّا كان أسوأ من سابقه ، فارحمهم برحمتك يا أرحم الراحمين. فما استتم كلامه حتى هطل المطر عليهم وعمّتهم الرحمة. فسبحان من هو لطيف بعباده.