٢٩ و ٣٠ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ ...) أي يقرءون القرآن أو يتّبعونه بالعمل بما فيه (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) يحتمل أن يكون المراد هو قراءة القرآن فيها فأثنى سبحانه عليهم بذلك. فعلى هذا (الواو) حاليّة في قوله (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) والمعنى : الذين يقرءون القرآن في صلاتهم. ويحتمل أن تكون لعطف الجملة على جملة (يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ) كما في قوله (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ) فالثناء على كلّ جملة بحيالها (يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ) وهي طلب الثواب وتحصيله من الله تعالى وهو الذي لن يكسد ولن يفنى بالخسران بل لا خسران فيه. فهؤلاء المؤمنون يفعلون ذلك (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ) أي ينفقون أموالهم لوجهه تعالى لأجل أن يوفّيهم الله أجور أعمالهم فيعطيهم إياها تامّة كاملة (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) أي ليزيد على ما يقابل أعمالهم من جوده وكرمه ، فإنه ذو فضل وإحسان عظيم. وفي المجمع عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : هو الشفاعة لمن وجبت له النّار ممّن صنع إليه معروفا في الدّنيا (إِنَّهُ غَفُورٌ) لفرطاتهم (شَكُورٌ) لطاعاتهم ومجازيهم عليها جزاء موفورا. وعن عبد الله بن عبيد بن عمر اللّيثي أنه قال : جاء رجل إلى رسول الله وقال : يا رسول الله (ص) إنّي أكره الموت ، فما حيلتي؟ فقال له الرّسول صلىاللهعليهوآله : هل لك مال؟ قال : نعم. قال : قدّم مالك ، فان قلب كل امرئ وراء ماله أو قال : مع ماله ، إن قدّمه أحبّ أن يلحق بماله ، وإن أخّره أحبّ أن يتأخّر معه. ثم إنّه تعالى يخاطب رسوله (ص) فيقول عزوجل :
٣١ ـ (وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ ...) قوله (مِنَ الْكِتابِ) بيان من الموصول يعني القرآن (لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) أي الكتب السّماويّة المتقدّمة عليه (إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ) عالم ببواطنهم (بَصِيرٌ) بظواهرهم وبما هم عليه ، ووحينا إليك هو الحقّ دون غيره
* * *