سابِقٌ بِالْخَيْراتِ) أي المصطفين الأخيار الذين اختارهم الله من الأزل فهم (السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) وهم ورثة الكتاب ، أي محمد وآله الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين وسائر الأنبياء عليهمالسلام. فورثة الكتاب يدخلون الجنة بغير حساب ، والمقتصدون أهل النّجاة ولو بعد مدّة ، والظالمون هم أهل النار على مراتب ظلمهم ودرجات معاصيهم على اختلافها أعاذنا الله منها ومن النار. هذا ولكن عن الرّضا عليهالسلام كما في العيون أنه قال : أراد الله بذلك العترة الطاهرة ، ولو أراد الأمة لكانت بأجمعها في الجنة لقول الله : (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) الآية ثم جمعهم كلّهم في الجنة فقال : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها) فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم والأقوال والروايات في المقام كثيرة. فمن أراد التفصيل فليراجعها من شاء في مظانّها. وفي روايات كثيرة فسّر الظالم لنفسه بمن لا يعرف الإمام ، والمقتصد من يعرفه ، والسّابق بالخيرات هو الإمام عليهالسلام (ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) أي توريث الكتاب والاصطفاء هو الإحسان الجزيل ، ولا يعادلهما إلّا قليل من المناصب الإلهية الموهوبة كالنبوّة والإمامة اللّتين بينهما ، وبين التوريث والاصطفاء ملازمة ، أي أنهما من لوازم النبوّة والولاية.
٣٣ ـ (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها ...) في المعاني عن الصّادق عليهالسلام : يعني المقتصد والسابق. وهذا التفسير يؤيّد ما قلناه في تفسير الكريمة السّابقة من حكم الأقسام الثلاثة (جَنَّاتُ عَدْنٍ) معناه بساتين الإقامة ، ويمكن أن يكون تفسيرا (الْفَضْلُ) كأنّه قيل ما ذلك الفضل الكبير؟ فقال : هذا جنّات عدن : ويجوز إن يكون بدلا من الفضل ، أي ذلك الفضل جنّات عدن أي دخولها (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ) فيها بيانيّة للتّحلية وأساور جمع سوار وهو زينة اليد وحليتها (مِنْ ذَهَبٍ) من : تبعيضيّة ، أي بعضها ذهب خالص (وَلُؤْلُؤاً) يجوز أن يكون منصوبا بنزع الخافض عطفا على الذهب وقرئ بالخفض أيضا ومعناه بعضها لؤلؤ مصفى أو مرصّع به وهذه حلية المرأة فكيف صارت جملة