يحلّون حالا وصفة للرجال الذين يدخلون جنات عدن؟ نقول إنّ أصحاب كتاب عين المعاني نقل إن أساور الذهب المرصّعة باللآلئ والزمرّد الأخضر وغيرهما من الأحجار الكريمة كانت حلية ملوك العرب في الأعصار القديمة واختصّت بهم وامتازوا بها وقد تزيّنوا بها بل كانوا يلبسونها كثيرا كما أن التيجان تختصّ بملوك الفرس وامتازوا بها. ولذا اختصّها الله تعالى بالذكر وجعلها من ألبسة الجنّة وحليّها كما أنه تعالى ذكر من ألبستها الحرير ، فقال (وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) وهو من أحسن ألبسة الدّنيا ويعدّ من الأزمنة القديمة من أفخرها ولذا لا يلبسها إلّا الملوك وأرباب الثّروة والأموال.
٣٤ و ٣٥ ـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ...) أي بعد ما استقرّوا في جنات عدن واطمأنّوا من العذاب حمدوا الله وأثنوا على إذهابه الحزن عنهم ، أي الحزن النّاشئ من خشية العذاب وخوف النار ، وكذلك همّ الدنيا الذين كانوا مبتلين به فيها فاستراحوا منه أيضا (إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ) لفرطاتنا وتقصيرنا (شَكُورٌ) لطاعاتنا مجازينا عليها بالثواب الجزيل فهو الذي (أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ) أي أوردنا دار الإقامة من عطائه كرامته بعد تكليفنا بما استوجبنا به ذلك ، و (نَصَبٌ) أي تعب (وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ) كلال واعياء إذ لا تكليف فيها. والفرق بين النّصب واللّغوب أن النّصب سبب واللّغوب مسبّب منه. واللّغوب عبارة عن فتور وكلال يكون هو نتيجة حاصلة من المشقّة والتعب العارض على الإنسان أثناء عمله في سبيل تحصيل أمر ، ونفي النتيجة والمسبب بعد نفي السبب للمبالغة والتّأكيد. وفي روضة الكافي ذكر الكليني رحمهالله بسند معتبر صحيح أن الله سبحانه وتعالى بقدرته الكاملة خلق حوارا وقصورا وأعلمهم أنّي خلقتكم للمؤمن الفلاني فعرّفه إيّاهم فيشتاقون إليه اشتياقا كثيرا بحيث ينتظرونه آنا بعد آن. فإذا دخل المؤمن الجنّة أخبروهم بقدومه فيستقبلونه مع أن المسافة بينهما سبعون سنة ، فإذا وقع نظرهم عليه يطيرون لكثرة