الفرح والسّرور فيخرج من بريق ابتسامتهم نور يضيء تلك المسافة فإذا دنا المؤمن منهم تعانقوا منهم مدة سبعين سنة ، ثم تأخذ الحور بيد المؤمن ويدخلنّه القصر المختصّ به فيتّكئ المؤمن على سريره وتقوم الحور والغلمان في خدمته. فهنا يقول المؤمن : الحمد لله الذي أذهب عنّا الحزن. فلمّا ذكر سبحانه الجنّة وما أعدّه لأهلها وأنواع الجزاء والثواب لهم ، عقّبه ببيان ما أعدّه للكفرة من أليم العقاب فقال عزّ وعلا :
٣٦ ـ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ ...) والذين كفروا لهم نار جهنّم فهي معدّة لهم في الآخرة (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ) أي لا يحكم عليهم فيموتوا بموت ثان فيستريحوا من شدائد العذاب. وقوله (فَيَمُوتُوا) نصبه (بأن) المقدّرة حيث أنه وقع جوابا للنفي (وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها) فهم مع طول إقامتهم في النار لا ينقص شيء من عذابهم بل كلما خبت زيدوا سعيرا (كَذلِكَ) أي مثل ذلك العذاب ونظيره (نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ) كلّ جاحد كثير الكفران مكذّب لأنبياء الله تعالى.
٣٧ ـ (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها ...) أي يستغيثون بالصّراخ والصّياح قائلين : (رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) فقد كنّا نعمل ونحسب عملنا صالحا ، وقد تحقق وثبت الآن خلافه لنا. فيقال لهم توبيخا (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ) أوم نعطكم عمرا كنتم متمكّنين فيه من التفكّر والتذكر لو كنتم من أهل التذكّر والتدبّر. وهذا جواب من الله تعالى وتعيير لهم. وقوله (ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ) يتناول كل عمر يمكن فيه من التذكر والروايات والأقوال على أنه ستون وقيل إنه أربعون سنة وقيل ١٧ سنة وقيل ١٨ سنة. والمراد من الموصول هو العمر (وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) أي الرسول أو الكتاب ، أو الشيب ، أو العقل لأنه الرسول الباطني. وهذا القول عطف على معنى (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ) ولفظه لفظ استخبار ومعناه معنى