فيستحقون بذلك العبادة ، فإذا عجزوا عن الجواب فقل لهم : أخبروني (أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ) أي شركة مع الله تعالى في خلقها فاستحقّوا بذلك شركة في الألوهيّة والعبودية (أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً) أي هل أرسلنا إلى الأوثان كتابا أو أرسلنا إلى عبدة الأوثان رسالة من عندنا بأن الأصنام شركاؤنا في الألوهية؟ (فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ) أي فهم حينئذ كانوا على حجّة من كتابنا إليهم بأنّا جعلناهم شركاءنا فهم يستحقّون العبادة بمقتضى كتابنا والناس الذين يعبدونهم معذورون؟ أي بتلك الشركة الجعلية وبالجملة فاسألهم يا محمّد بأيّ وجه من تلك الوجوه يعبدونها (بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً) أي ليس لهم في هذا الأمر حجّة عقلية ، لأن الأصنام مخلوقات منحوتات عاجزة وليس لعاقل أن يعبد جمادا فاقدا لكل شيء بل ليس لديهم حجة نقليّة لأننا ما آتيناهم كتابا فيه أمر بجواز عبادة الأصنام. فهذه العبادة لا عقلية ولا نقلية بل صرف تقليد لأسلافهم في قولهم : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) فوعد بعضهم ، من الأسلاف أو الرؤساء ، بعضا من الأخلاف أو الأتباع ، في فائدة عبادتها من الشفاعة أو الأرزاق ، ليس (إِلَّا غُرُوراً) أي مكرا وخدعة لا حقيقة لهما ، وطمع فيما لا يطمع فيه. وهذا هو معنى الغرور لغة.
٤١ ـ (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ...) أكد سبحانه بتقديم الفاعل وحقّه التّأخير ، وبتصدير الجملة بكلمة (إِنَ) التي تفيد المبالغة في مضمونها ، أكّد وحصر قضيّة امساكهما في ذاته المقدّسة ولتنبيه البشر إلى كمال قدرته حتى يتفكّروا ويتدبّروا في أنّ من هذا شأنه هو الذي له الأهليّة للألوهيّة ويستحقّ العبادة ، لا الجماد المصنوع بيد المخلوق فقد أمسكهما (أَنْ تَزُولا) أي لئلّا تزولا. أو المعنى أنه تعالى يمنعهما من الزوال ، فإنّ الإمساك هو المنع من وقوع الشيء حيث إنّ الممكن حال بقائه لا بد من ممسك وحافظ من وقوعه وزواله. ولكن السّماوات والأرض معلّقتان من