الأقوال وسينا وسينين واحد ، وقيل هما اسمان للجبل وهو جبل بفلسطين وقيل بين مصر وأيلة ومنه نودي موسى على نبيّنا وآله وعليهالسلام. وقرئ سيناء بكسر السين ونسبة خروجها إلى جبل سيناء لأن الشجرة فيه كثيرة ومنه انتشرت في البلاد وانبسطت فيها فيمكن أن يقال أن منبتها الأصيل كان هناك وهذه منفعة من منافع تلك الأرض المقدسة والجبل المبارك (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) أي تنبت تلك الشجرة المباركة بالشيء الجامع بين كونه دهنا يدهن به ويسرج ويوقد منه وكونه صبغا أي أداما ، فإن فيه يصبغ الخبز أي يغمس فيه ويؤكل وهذا الذي جعله جامعا للوصفين ، وهو الزيت الذي يعصر من الزيتون ، وثمرة تلك الشجرة التي سماها خالقها بالشجرة المباركة في قوله جلّ وعلا : (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) إلخ ... والحاصل أن هذه الأشجار المباركات لعظم منافعها وكثرتها خصّها الله عزوجل بالذكر في مقام بيان نعمه الجليلة على عباده. ومن النعم الّتي خصّها الله تعالى بالذكر للاهتمام بشأنه هي الانعام كما قال :
٢١ ـ (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً ...) أي فيها دلالة تستدلون بها على قدرة الله تعالى ومن جملتها قوله تعالى (نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها) من الألبان (وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ) من ظهورها فإن عليها تركبون وتأخذون أصوافها وشعورها وأوبارها (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) من لحومها ودسومها وشحومها وألياتها.
٢٢ ـ (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ ...) أي على بعضها من الإبل والبقر في البرّ والأكثر على أن المراد من مرجع الضمير في عليها هو الإبل لمناسبتها مع الفلك ، ولذا أطلق على الإبل سفينة البرّ كما في قول ذي الرمة ، سفينة برّ تحت خدّي زمامها (وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) أي الإبل والفلك تحملكم في البرّ والبحر وهذه من النعم العظيمة التي لا بد من شكر منعمها وهو الله الذي خلقها. وكانوا قبل هذه النعم يحملون أثقالهم على ظهورهم الى بلاد لم يكونوا بالغيها إلّا بشقّ الأنفس. فالفلك كالإبل في الانتفاع من جهة