(وَفارَ التَّنُّورُ) أي أن العلامة بيني وبينك بزمان نزول العذاب هو فوران الماء ونبعه من التنّور. فإذا رأيت الماء يفور منه فاركب أنت ومن آمن بك ـ ومن العجيب أن الذي يخبرك بنبع الماء من التنّور ، هي امرأتك حتى يكون سبب الغرق من موضع الحرق!. فمن كان هذه قدرته ينبغي أن يعبد ويخضع له لا ما يبول الثعلب على رأسه ولا يقدر أن يدفعه. (فَاسْلُكْ فِيها) أي فأدخل فيها (مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) الذكر والأنثى (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا) اي تأكيد بالدّعاء بإنجائهم (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) هذه الجملة علة للنهي عن الدّعاء بالإنجاء ، لأنّه قضى عليهم بالغرق كابنه كنعان وأمه واغلة.
٢٨ و ٢٩ ـ (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ ...) يعني إذا صعدت إلى (الْفُلْكِ) أي السفينة ، واستقرّيتم عليها (فَقُلِ) داعيا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) احمد ربّك واشكره لأنه خلّصكم من الذين ظلموكم وسخروا منكم واستخفّوا بكم (وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً) أي حين نزولك. وفي الفقيه قال النبي (ص) لعلي (ع) يا علي إذا نزلت منزلا فقل : ألّلهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين وقرئ بفتح الميم وكسر الزاي ، أي إنزالا مباركا أو نزولا مباركا وذلك تمام النجاة. وقيل المنزل المبارك هو السفينة لأنها سبب النجاة ، وقيل المكان المبارك بالمياه والشجر وكثرة النعم هو المراد بالمنزل المبارك الذي دعا للنزول فيه. وبناء على ضمّ الميم كان مصدرا ميميّا بمعنى الإنزال كما فسّرناه أوّلا وثانيا.
٣٠ ـ (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ ...) أي في إغراق قوم نوح ونجاته وأهله إلّا من سبق عليه القول بإهلاكه من أهله ونجاة المؤمنين به (لَآياتٍ) لأهل العبرة والهداية (وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ) كلمة إن مخفّفة والمراد بالمبتلين أي المختبرين والممتحنين من عبادنا ليتذكروا أو المصابين قوم نوح بالبلاء العظيم والعذاب الشديد
* * *