لا يسبق وقت هلاكها الأجل المعيّن له في وقته ، فإن لها أجلا محدّدا لا يتقدّم (وَما يَسْتَأْخِرُونَ) ولا يتأخرون عن ملاقاة هلاكهم في موعده المقرّر.
٤٤ ـ (ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا ...) أي بعثنا رسلنا من الأنبياء إلى مخلوقاتنا من الناس ، (تَتْرا) متتالية واحدا بعد واحد ، من الوتر الذي هو الفرد ، وكانوا (كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ) فلم يصدّقوا قوله (فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً) أي جعلنا إهلاك تلك الأقوام الكافرة متتاليا ، نهلك أمة بعد أمة (وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ) فما أبقينا منهم أثرا إلّا ما يشير إلى كونهم عبرة للخلق يتمثل بهم من بعدهم ليعلموا ان الله تعالى ينتقم من أعدائه الظالمين في الدّنيا والآخرة فيتعجّبوا منهم ويعتبروا من محو آثارهم وإفنائهم بأنواع العذاب.
٤٥ ـ (ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ ...) أي بعثناهما (بِآياتِنا) التسع المشهورات المذكورات في الكتاب والسنّة (وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) أي حجّة واضحة ملزمة للخصم وهي العصا وتخصّها بالذكر مع أنها داخلة في الآيات لكونها اهمّ الآيات وأمّ المعجزات فإن كثيرا ما تولّد منها كشق البحر وجريان المياه من الحجر وبلع ما عمل السحرة وحراسة موسى إذا نام والاستضاءة بها في اللّيالي المظلمة كالقمر المنير والأمور الأخرى التي يحتاج إليها موسى في السّفر والحضر فلها امتيازات خاصّة بها.
* * *
(إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ (٤٦) فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ (٤٧) فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (٤٨))