٥٥ و ٥٦ ـ (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ ...) أي ما نعطيهم ونجعله مددا لهم (مِنْ مالٍ وَبَنِينَ) كلمة (مِنْ) بيانيّة للموصول ، أي ما نرزقهم من الأموال والأولاد ، أيظنّون أنّا بعملنا هذا (نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ) أي هؤلاء الكافرون يظنّون أن ما نعطيهم ونزيدهم من أموالهم وأولادهم إنما نعطيهم ثوابا ومجازاة لهم على أعمالهم ولرضائنا عنهم لكرامتهم علينا واستحقاقهم ، ومكافأة لأعمالهم؟ ليس الأمر كما يظنّون ، بل ذلك إملاء لهم واستدراج لهوانهم علينا. وفي الحقيقة تلك المسارعة مبادرة لنا عليهم في الشرور حيث إنها معقّبة بالعذاب وبأخذهم أخذ عزيز مقتدر فجأة (بَلْ لا يَشْعُرُونَ) الشعور هو العلم بالمعلوم الدّقيق ودقيق فهمه على صاحبه. وحاصل المعنى أن هذا الإمداد ليس إلّا استدراجا لهم في المعاصي ، وهم يحسبونه مسارعة في الخيرات. وكلمة (بَلْ) استدراك لقوله أيحسبون ، أي بل هم أشباه البهائم لا شعور لهم حتى يتفكّروا في ذلك أهو استدراج أم مسارعة في الخيرات. وفي المجمع عن الصّادق عن أبيه عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ الله تعالى يقول : يحزن عبدي المؤمن أذا قتّرت عليه شيئا من الدّنيا وذلك أقرب له منيّ. ويفرح إذا بسطت له الدّنيا وذلك أبعد له منّي ، ثم تلا هذه الآية ، ثم قال : إنّ ذلك فتنة لهم. ثم أنّه تعالى بعد بيان أحوال الكفرة والفجّار ذكر أحوال المؤمنين الأخيار الأبرار ببيان أوصافهم بقوله :
* * *
(إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (٥٨) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (٥٩) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ (٦٠) أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ (٦١) وَلا