نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٦٢) بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ (٦٣) حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ (٦٤) لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ (٦٥) قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ (٦٦) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ (٦٧))
٥٧ و ٥٨ ـ (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ ...) أي من خوف عذاب (رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ) أي حذرون. فالإشفاق يتضمّن الخشية ، إلّا أن الخوف مع زيادة رقّة وضعف ، فبهذا الوجه يفرّق بينهما. وقيل ، جمع بينهما للتّأكيد فإذا هما متساويان. وقيل الخشية هو العذاب فالفرق بيّن. وقيل الشفقة هو الميل مع الخوف كالعبد يميل إلى ولاه وخائف منه أيضا فالفارق موجود. ثم إنه جلّ وعلا عدّ لهم أربعة أو خمسة أوصاف بعد أن بيّن أنهم يؤمنون بآيات ربّهم ، ثم جعل الوصف الأخير أي الجملة الأخيرة المشتملة على وصفهم بالمسارعة خبرا للموصول في الجملة الأولى فيستفاد أن إيمان المؤمن لا يكمل إلّا بمجموع هذه.
٥٩ ـ (وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ ...) أي يوحّدونه ولا يجعلون له شريكا ...
٦٠ ـ (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا ...) أي يعطون ما أعطوه من الصّدقات أو أعمال البرّ كلّها فدخل فيه كلّ حقّ لزم ايتاؤه سواء كان ذلك الحق من حقوق الله كالزكاة والكفارة وغيرهما أو من حقوق الآدميّين كالودائع والدّيون وأمثالهما (وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) لأن من يقدم على عمل من العبادات والمعاملات وهو يعلم أنه على تلك الأعمال محاسب بحساب دقيق وأنّ عالم