السرّ والخفيّات مشرف على أعماله وهو بالمرصاد ، فهو وجلّ قهرا لأنه يحتمل أن يكون مقصّرا يخلّ بوظائفه ويفرّط في أعماله. وقيل في الكلام حذف وإضمار ، أي وقلوبهم وجلة أن لا يقبل منهم كما فسّر أبو عبد الله عليهالسلام به فقال معناه : قلوبهم خائفة أن لا يقبل منهم ، وذلك لعلمهم ب (أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ) أي لأن مرجعهم إليه ، وهو يعلم ما يخفى عليهم. فهذه الجملة في مورد العلّة لخوف قلوبهم ومتعلقة بوجلة بحذف حرف الجرّ. والحاصل أن المؤمن لا يرى في أعماله وأقواله إلّا ربّه لخوفه منه. وفي الكافي عن الصّادق عليهالسلام قال : إن استطعت أن لا تعرف فافعل ، وما عليك أن لا يثني عليك الناس ، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله. ثم قال عليهالسلام قال أبي علي بن أبي طالب عليهالسلام : لا خير في العيش إلّا لرجلين : رجل يزداد كلّ يوم خيرا ، ورجل يتدارك السّيئة بالتوبة ، فبيّن عليهالسلام ما هو شرط في قبول توبته وسبب لأن يوفّق للتوبة ، فقال ، أي مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام : والله لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله تبارك وتعالى منه إلّا بولايتنا أهل البيت. ألا ومن عرف حقّنا ورجا الثواب فينا ورضي بقوته نصف مدّ في كلّ يوم وما ستر عورته وما أكنّ رأسه ، وهم والله في ذلك خائفون ووجلون إلى آخر الحديث ...
٦١ ـ (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ ...) أي يرغبون في الطاعات أشدّ الرغبة فيبادرون بها. أو المراد مطلق الأمور الخيرية دنيوية كانت أو اخروية ، لقوله تعالى فآتاهم الله ثواب الدّنيا وحسن ثواب الآخرة أي الأجر الدنيويّ ، وأحسن أجر في الأخرى (وَهُمْ لَها سابِقُونَ) أي المتّصفين بتلك الصّفات المذكورة لأجل تلك الخيرات سابقون إلى الجنّة. وقيل إنهم للخيرات سابقون غيرهم من المؤمنين. وقال الكلبي : سبقوا الأمم إلى الخيرات.
٦٢ ـ (وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها ...) يعني أن تلك الحسنات