من عذاب ربّهم. فإرسالك عليهم ليس بأمر بديع حتى يستنكروه.
٦٩ ـ (أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ...) أي ألا يعرفونه بالصّدق والأمانة ومكارم الأخلاق وكمال العلم مع عدم التعلّم ، وبشرف النّسب وغير ذلك مما هو صفة الأنبياء (فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) وهذا الاستفهام كما في السّابق للإنكار أي بل عرفوا جميع ذلك فلا وجه لإنكارهم له صلىاللهعليهوآله.
٧٠ ـ (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ ...) أي أنه مجنون ، فلا يعتنون بقوله فيقولون إن جنونه حمله على ادّعائه الرّسالة مع أنهم عرفوه كمال المعرفة بأنه أكملهم عقلا وأصدقهم قولا وأتقنهم عملا وأعرفهم بربّه وأعلمهم بأحكامه ، على أن كتابه متضمّن ومشحون بالدلائل الواضحة على صدقه في دعواه مضافا إلى أن المجنون كيف يمكنه أن يأتي بكتاب أعجز عقلاءهم وفصحاءهم وقصّروا عن الإتيان بآية من مثله. وإنما نسبوه إلى الجنون حيث كان صلوات الله عليه وآله يأمر صناديدهم وكبراءهم بانقياده والتسليم لأمره ونهيه وهذا كان عندهم من أشق الأمور وأصعبها ، فلذا نسبوه إلى الجنون ليتخلّصوا من إطاعته ولا ينقادون له ، فأوردوا ذلك استحقارا واستخفافا بشأنه حتى لا يرغب به أحد (بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِ) أي بدين الحق المستقيم وهو الإسلام أو بقول الحق يعني القرآن (وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) لأنه مرّ والشيء المرّ مكروه عندهم وعند البشر ولا سيّما البشر المعاند.
٧١ ـ (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ ...) الحقّ هنا هو الله تعالى. والمعنى : لو جعل الله لنفسه شريكا كما يهوون (لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) وهذه الشريفة تفيد ما يستفاد من قوله سبحانه : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) ، ووجه الفساد هو التمانع والتزاحم. والحاصل ، أنه تعالى محال أن يصير تابعا لأهوائهم في جعل الشّريك والأمور الأخر التي يلزم منها الظلم والقبح (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ) أي بكتاب فيه وعظهم ونصحهم وما فيه فخرهم وشرفهم لأنّ الرسول منهم والقرآن نزل بلغتهم ـ وقرئ بذكراهم ، لأنهم