(عَظِيمٌ) مهول مفزع. وقيل إن هذا الوصف يعني أشراط الساعة التي تسبقها كطلوع الشمس من مغربها كما عن القمي ، وكغيرها من الخوارق.
٢ ـ (يَوْمَ تَرَوْنَها ـ تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ) ... ذلك يوم القيامة بأهواله التي (تَذْهَلُ) تغفل وتتلهّى بها (كُلُّ مُرْضِعَةٍ) عن رضيعها لما تصاب به من الخوف فتضيع عنه ولا تذكره فتنساه (وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها) أي كلّ امرأة ماتت وهي حبلى ، حين تفيق على هذه الأهوال تسقط جنينها من الفزع والهلع (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى) تشاهدهم في ذلك اليوم كالسكرانين الضائعين عمّا حولهم (وَما هُمْ بِسُكارى) وليسوا بسكرانيين بالحقيقة ولكن ظهروا كذلك من الخوف الذي لا يوصف (وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) والذي أحدث كلّ ذلك الذّعر بين المراضع والحوامل والناس ، هو عذاب الله القوي العجيب الذي يبدو في ذلك اليوم.
٣ ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) ... نزلت هذه الآية الكريمة في النّضر بن الحارث الذي كان معاندا لدعوة الإسلام مجادلا بالباطل يقول إن الملائكة بنات الله والقرآن أساطير الأوّلين ، وينكر البعث والحساب ، وهي تشمله وتشمل كلّ واحد من الناس يناقش في الأمور التي يجهلها بلا برهان ، فيخاصم الله جلّت قدرته (وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ) أي يقلّد ويطيع كلّ متمرّد على حرمات الله. وفي الخبر أن المريد : الخبيث. ففي الناس كثيرون يعصون الرّحمان ، ويطيعون الشيطان ، ويجادلون دون برهان. ومن حاله كذلك قال الله تعالى فيه :
٤ ـ (كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ ...) أي سجّل في اللوح المحفوظ ، أو في علمه تعالى ، أنّ من يتّخذ الشيطان وليّا ويحبّه ويطيع وسوسته (فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ) يغويه ويصرفه عن طريق الحقّ (وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) ويدلّه على الطريق الموصلة لعذاب جهنّم ونارها المحرقة.
* * *