رخصة وإجازة منه سبحانه. والحاصل : قل يا محمد لهؤلاء القوم : من هو المتّصف بهذه الصفة وغيرها من صفات العظمة والجبروت (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) تدركون ذلك المعنى السامي؟ فإذا كان عندكم علم بذلك فقولوا لي. ولن تقولوا إلّا أن الله تعالى يملك ذلك كله (فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) فكيف يتلبّس عليكم الأمر الواضح. وقيل باختصار : إنه سبحانه ينقذ من هرب إليه ، ولا ينقذ أحد هرب منه ، لأنه يمنع من يشاء ولا يمتنع منه أحد.
* * *
(بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٩٠) مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١) عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٩٢))
٩٠ ـ (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ ...) أي نحن جئناهم بالحقّ وبيّنا لهم الحق من التّوحيد والوعد بالنشور ونفي الولد ومع ذلك (إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) لأنهم أصرّوا على كذبهم في دعواهم الولد والشريك له تعالى.
٩١ ـ (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ ...) في الكلام تنبيه على نفي قول الكفّار حيث إن جمعا منهم كانوا يقولون : الملائكة بنات الله ، أو كالنّصارى فإنهم يقولون بأن المسيح ابن الله ، وكذلك الكلام في مقام نفي الشريك عنه بقوله تعالى : (وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ) لتقدسه عمّن يساهمه في الألوهيّة (إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ) هذه الجملة في موضع العلة لما تقدّم من قوله وما كان معه من إله ، ومفادها ، مفاد قوله لو كان فيهما آلهة إلّا الله لفسدتا وقد تقدّم شرحها. وقوله إذا لذهب جواب وجزاء لشرط محذوف