تقديره : لو كان معه آلهة إذا لذهب. وأكد العلّة بما هو قريب منها في المعنى وهو قوله (وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) كما هو شأن الملوك فهذا التدبير المحكم الدائم والنظام الأحسن الذي هو على نسق واحد يدل على صانع واحد حكيم .. ثم هو تعالى شأنه نزّه مقامه السّامي عمّا يصفه به الجهلة وينسبه إليه السّفهاء فقال : (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) من نسبة اتخاذ الولد إليه والشريك له تعالى.
٩٢ ـ (عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ...) أي عالم بما غاب وبما حضر وهو تعالى مختصّ بالعلم بهما ولو كان علمه بما حضر فقط فقد كان ناقصا من ناحية احتياجه إلى العلم بما غاب عنه ، والنقص والاحتياج من صفات الممكن لا الواجب بالذّات الذي هو غنيّ من جميع الجهات. والحاصل أن العلم بما كان وسيكون وبما لم يكن من مختصّات ذاته تعالى ومتفرّداته. وهذا دليل آخر على نفي الشريك لتوافقهم على تفرّده في هذا الوصف انحصاره به ، ولهذا رتّب عليه قوله (فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) أي تنزّه عن إشراكهم في علمه وقدرته وألوهيته ثم إنه تعالى علّم رسوله الدعاء للنّجاة من العذاب الذي قد يحيق بالكفار ورسم له نهجا معيّنا فقال تعالى :
* * *
(قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ (٩٣) رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٩٤) وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ (٩٥) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ (٩٦) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨))