٩٩ و ١٠٠ ـ (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ ...) كلمة (حَتَّى) متعلّقة ب (يَصِفُونَ) أي أن الكفّار يبقون على سوء ما هم عليه إلى أن يعاينوا ما أعدّ لهم من النكال حين يجيء إليهم الموت فيسألون الله الرجعة إلى دار الدنيا لأنها دار التكليف فيقول أحدهم (رَبِّ ارْجِعُونِ) مخاطبا الملائكة أو مستغيثا بالله سبحانه (لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً) أي عملا صالحا (فِيما تَرَكْتُ) من الطاعات وأداء الزكوات ، فيأتيه الجواب من قبل الله تعالى : (كَلَّا) كلمة ردع عن طلب الرجعة ، أي لا سبيل إلى إرجاعك. وقد روي عن النّبي (ص) أن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا له : أنرجعك إلى الدنيا؟ فيقول : إلى دار الهموم والأحزان؟ بل قدوما إلى الله. وأما الكافر فيقول : ربّ ارجعوني. ويمكن أن يكون الجمع في الفعل (ارْجِعُونِ) تعظيم المخاطب على عادة العرب في تعظيم المخاطب كما قال سبحانه : (قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ ، لا تَقْتُلُوهُ) ، مع أن المخاطب شخص واحد. (إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها) لفرط تحسّره المتسلّط عليه ، وهو مجرّد لفظ لا حقيقة تترتّب عليه لأنهم لو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه ، فلا يجاب عليه. وقد قال الفتح بن يزيد الجرجاني : سألت الرّضا عليهالسلام : هل لله تعالى علم بأمر معدوم لو وجد بأيّ كيفية ومن اي نوع يكون؟ قال (ع) : ويحك ، إن مسألتك لصعبة ، أما قرأت قوله عزوجل : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) ولعلا بعضهم على بعض؟ فقد عرف الذي لم يكن ولا يكون أن لو كان كيف كان ويكون. وقال (ع) وهو يحكي قول الأشقياء : ربّي ارجعوني لعلّي أعمل صالحا فيما تركت ، كلّا إنها كلمة هو قائلها. وقال : ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه ، وإنهم لكاذبون. فقد علم الشيء الذي لم يكن لو كان كيف يكونه وهو السميع البصير الخبير العليم (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) وراء الإنسان هو خلفه ، وقد يجيء بمعنى القدّام ، فهو من الأضداد. ومعناه هنا هو القدّام ، والبرزخ الحاجز بين الشيئين ، ما بين الدّنيا والآخرة. وفي الحديث هو القبر. وفي الخصال عن السّجاد (ع) أنه تلا هذه الآية وقال : هو القبر ، وإن لهم فيها معيشة ضنكا ، والله إنّ القبر