قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١٤))
١١٢ و ١١٣ ـ (قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ ...) السائل هو (الله تعالى ، أو الملك المأمور بالسؤال للكفار في يوم البعث. وهذا سؤال توبيخ واستهزاء لمنكري البعث والحساب. ونصب (عَدَدَ) على التمييز من (كَمْ) ف (قالُوا) بفشل وخيبة : (لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) لأنهم كانوا ينكرون الآخرة وانحصر اللّبث في الدنيا وقالوا لا إعادة بعد الموت ، فلما وقعوا في النار وأيقنوا أنها دائمة سألهم كم لبثتم في الأرض تهكّما وتوبيخا وتنبيها على أن ما ظنوه دائما فهو يسير بالنسبة إلى ما أنكروه. فحينئذ تزداد حسرتهم على ما كانوا يعتقدونه في الدّنيا : وقولهم (لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) لأنّهم نسوا من كثرة العذاب وشدّته ، لا أنهم كذبوا تعمّدا. وقد اعترفوا بالنسيان حيث قالوا (فَسْئَلِ الْعادِّينَ) يعنون الحفظة الذين يحصون أعمال العباد ويعدّون أيام أعمارهم وساعاتها وعدد تنفّسهم.
١١٤ ـ (قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً ...) هذا القول منه تعالى تصديق لهم في كون مكثهم في الدنيا يسيرا بالإضافة إلى طول مكثهم في عذاب جهنم ، لكنه تصديق توبيخ على غفلتهم في دار الدّنيا على ما كانوا عليه من السرور والفرح والتوغّل في معاصي الله ونسيانهم ذكره تعالى ولعلهم لهذه الجهة قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم لا من باب النسيان أو بالاضافة إلى أن الإنسان إذا كان في النعيم تجيء أيام السرور في نظره قصيرة وإن كانت طويلة (لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) نسبة أيام سروركم في الدنيا إلى لبثكم وخلودكم في النار ، أو الدنيا بحذافيرها في جنب الآخرة.
* * *
(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ (١١٥) فَتَعالَى اللهُ